العراق من دون أي تحاملٍ، أو مدارة، هو كيان شبه محتل، للأسف الشديد، وذراع لإيران الملالي، فقد انتقلت مجموعة غوغائية بحرينية من "سورية الأسد" إلى كربلاء لاستضافتها ضد البحرين الشقيق.
هل يقبل العراق باستضافة دولة خليجية مجموعة بعثية عراقية، أو مجموعة علمانية ضد النظام العراقي الحالي، وحكومته؟
بالتأكيد، لن تقبل بغداد بهذا النشاط، أو الاستضافة الخليجية أو العربية، لأنها دولة بحاجة إلى انتشالها من الهيمنة الإيرانية، والمحاصصة الحزبية، فالعراق ليس بأحسن أحواله السياسية، والاجتماعية، وينبغي على حكومته الانتباه لهذه المحاذير والتحديات.
لا نقبل بتوتر العلاقات الخليجية مع العراق الشقيق، ولا نقبل بالتدخل الإيراني في الخليج عموماً، والعراق تحديداً.
ولا نقبل على العراق الشقيق الدخول في نفق المقارنة الظالمة بين نظامه قبل سقوط الطاغية صدام حسين، وبين نظامه الحالي، فمهما كانت التحديات، والتعقيدات، يظل عراق اليوم أفضل من عراق النظام البائد قبل العام 2003.
دولة إيران الملالي حملت راية تصدير "الثورة الخمينية"، واستمرأت التدخل في شؤون الدول العربية، وفي مقدمها العراق، ولبنان، واليمن وسلحت "حزب الله"، و"الحشد"، و"الحوثي"، وضربت طهران بالقواعد الأخلاقية، والقوانين الدولية، ولا تزال تحتضن أحلام "الثورة الخمينية"، وتصديرها.
وثّق لبنان رسالته إلى المبعوث الإيراني أخيراً، وقد كانت رسالة لا لبس فيها، وموقفا مباشرا نيابة عن جميع أطياف ومكونات المجتمع اللبناني، الذي ذاق لوعة الاقتتال والحرمان، والتهجير، فقد كانت تجربة لبنان قاسية للغاية مع إسرائيل، و"حزب الله"، وإيران أيضاً.
والعراق على عتبة انتخابات برلمانية، نأمل أن تحدث تغييراً جذرياً في التركيبة، والتوجهات السياسية، ونأمل وقف سيناريو المقايضة، والمحاصصة، والمساومة على مستقبل العراق وشعبه، واستقراره، لكي يعود إلى أهله، وقاعدة المجتمع المدني.
فقد استطاع وكلاء إيران في العراق التهجير القسري للبرلماني العراقي الأخ العزيز فائق الشيخ علي، واستباحة دمه، وهو ابن النجف، لكن واقعه السياسي الليبرالي، والعقلاني، مختلف تماما عن "طوق العمامة"، والمراجع الإيرانية.
انهار نظام بشار الأسد، وانتقلت إلى العراق مجموعة غوغائية تدعي العمل السياسي "المعارض"، وتحلم بقلب نظام الحكم في إحدى الدول الخليجية؛ فهل كل هذه التطورات تنسجم مع توجهات، وطموحات، الحكومة العراقية نحو الاستقرار؟
نشهد أقسى أشكال التحدي السياسي في العراق، ولا نتمنى لشعبه سوى الاستقرار والازدهار، ونتمنى تكوين شراكة خليجية مع بغداد، قائمة على حسن الجوار، واحترام السيادة، لكن إيران الملالي لا تقبل بكل هذه التمنيات، أو حتى الأحلام، لأنها أحلام ممنوعة.
لا شيء جديد في العراق، فدولة الملالي الإيرانية متحكمة في مفاصل القرار البرلماني والحكومي، وعلينا أن نتذكر جيداً طبيعة التحديات المحيطة بالعراق، ومن ناحية طهران تحديداً، وهو من فرط التنازلات المأسوية في العراق الذبيح وغيره.
ففي الوقت الذي يعم التفاؤل في لبنان، وعودته إلى أهله، وعودة الحلم المدني، نجد طهران، من ناحيتها، تبحر عميقاً في نفخ مشروع إيران الطائفية، والتوسعية، في العراق كبديل عن لبنان، وسورية، لإنهاك القوى المدنية، والحكومة العراقية في نزاعات مسلحة.
قصة إيران بدأت بأيادٍ عراقية، ولن تتمكن من التصدي لمشروع طهران التوسعي الهدّام سوى الأيادي، والعقول العراقية.
أما من ناحية دول الخليج العربي، فإن الواجب يحتم تفعيل دور "مجلس التعاون" الخليجي في احتواء الأزمات، والتوترات قبل وقوعها، لصالح علاقات واعدة بين العراق ودول "التعاون" الخليجي.
KAltarrah@