طلب الحماية، أم التعرض للفناء والإبادة؟ أمران أحلاهما مر!
الحماية ممن، من إسرائيل، وهي العدو الرئيس التي قامت على القتل والتدمير، ولم تقدم في تاريخها سوى الحروب وسفك الدماء، وكان همها الوحيد، ولا يزال ترانا ضعفاء مقسمين، بلا وطن أو هوية، حتى يسهل عليها ابتلاعنا، ولا يهمها حمايتنا، أو بقاؤنا، فهي لا تحمي أحداً سوى مواطنيها.
ولا أدل على ذلك من أنها لا تزال تحتل الجولان منذ عام 1967، وتواصل مجددا احتلال المزيد من الأراضي السورية في القنيطرة وبعض الأماكن من درعا.
أم الحماية من إيران، وقد أثبتت تجربتها مع النظام السابق أن مصالحها الخاصة فوق أي اعتبار، وأنها لا تتردد في أي وقت بالتضحية بحلفائها لتحقيق مكاسب آنية، والأهم أنها باتت حاليا غير قادرة على حماية نفسها!
أم الحماية من تركيا، وهي التي لم تتوقف أطماعها يوماً في السيطرة علينا، واحتلال المزيد من أراضينا لتضيفها للكثير من الأراضي السورية التي تحتلها، وعلى رأسها لواء اسكندرون منذ عام 1939، وتتطلع اليوم لاحتلال حلب، بعدما احتلت الشمال السوري كله.
ويستمر التساؤل أيضاً، هل نطلب الحماية من روسيا، وقد جربناها ونعلم ماذا فعلت بنا، أم الحماية من أميركا وهي كما قال الشاعر المتنبي "فيها الخصام وهي الخصم والحكم"؟
حينما يفقد الأشخاص الإحساس بالهوية الاجتماعية، وعندما يتعرضون للتهميش والقمع والاضطهاد، يسلكون طرقا عنيفة ضد المجتمع ومعاييره، وضد من يمثله من حكومات أو سلطات، خصوصا عندما يكون المجتمع متعدد الانتماءات والفئات والجماعات العرقية أو الدينية أو السياسية أو الاجتماعية، وهنا يأتي دو الشعب، دور السوريين الأحرار المحافظين على هويتهم وانتمائهم الرافضين لتقسيم البلاد، المحبين لوطنهم وامتهم.
والسلطة أيضاً يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في المحافظة على الهوية الوطنية، وعلى الأرض والشعب، وعلى القيادات السياسية العمل على دمج الانتماءات المتنوعة من أجل الوصول إلى هوية مشتركة تمثل مصالح المجتمع بكل انتماءاته المختلفة.
لقد علمتنا التجارب أن أعداءنا لا يريدون لنا الاستقرار، ولا يحبون أن تجتمع ارادتنا على موقف موحد، وهم لا يكفون عن السعي إلى خلق الفتن، والمشكلات والصراعات، وعندما تقع الواقعة يهرعون لإذكاء نار الفتنة وتأجيجها، ويبالغون في صب الزيت عليها، ولا يسمحون لأحد أن ينتصر على الآخر!
والغريب أننا سرعان ما ننجر إلى الفتنة، ونثور على بعضنا بعضا دون تفكير أو تدبير لتفاديها وردها، وهذا ما يشجع الأعداء على التمادي والاستمراء في حبك المؤامرات، ووضع المخططات للنيل منا ومن وحدتنا.
القادم أسوأ بكثير، وجميعنا نتابع التصعيد والتحشيد، لتشكيل الشرق الأوسط الجديد، وما يحضر معه من فتن وصراعات عرقية وقبلية وطائفية ودينية، وهي ما برع الأعداء في خلقها والاستثمار فيها وهم القادرون على لعبها بذكاء وإدارتها ببراعة فائقة.
كاتب سوري