الأربعاء 27 أغسطس 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
'حزب الله' انتهى والباقي جعجعة
play icon
الافتتاحية

"حزب الله" انتهى والباقي جعجعة

Time
الاثنين 25 أغسطس 2025
أحمد الجارالله

في إحدى المدن قديماً كان أحدهم يزعم أن أمراً جللاً سيحدث، والناس في المرة الأولى صدّقوا ذلك، لكن مع تكراره كانوا ينفضّون عنه، فحاول الرجل الإيحاء أن الحدث بات وشيكاً، كي يعيد بعض الصدقية له.

وفي يوم، وبينما كان هو مع بعض أبناء المدينة، هبت عاصفة وحملت معها الغبار، فقال: "هذا هو الحدث الجلل الذي كنت أحدثكم عنه"، عندها تفرق الناس، ومنذ ذلك الوقت لم يصدقوه، لأنه كان يأتي بالأكاذيب.

الأمر نفسه ينطبق على "حزب الله"، الذي صدق عليه المثل الشعبي اللبناني "مثل حكاية إبريق الزيت"، فهو يكرر التهديد بعدم تسليم سلاحه، لكن لا فائدة من ذلك، لأنه سيخضع.

لذا، كلما طلع نعيم قاسم من مخبئه هدد وتوعد، ومنذ نحو خمسة أشهر، وهو يزعم أنه لن يسلم سلاح حزبه، ويتوعد بالحرب الأهلية، وكلما خرج اللبنانيون مرة ليقولوا له إن سلاحك لم تعد له وظيفة، ولم يستفد منه لبنان في الدفاع عنه، في الحروب التي كنتم السبب فيها، أعاد حكاية "إبريق الزيت".

في المقابل، يبدو أن قاسم وأركان حزبه لديهم صمم، لا يسمعون صوت العقل، أو بالأحرى لا يسمعون إلا من الخارج، أما الداخل فيستقوون عليه بالتهديد.

من يعرف الشعب اللبناني يدرك منذ زمن أنه سيفعل المستحيل كي لا تعود الحرب الأهلية، التي دفع الكثير مقابلها، بل لا يزال يدفع، ولأن الحكومة ورئيس الجمهورية يعملان على تفادي أي توتر كي لا يقدمان مبرراً لمجانين هذا الحزب، لذا يأخذون الأمور بالحسنى، بينما في المقابل فإن ما يسمى "الثنائي الشيعي" يحاول الضغط بالشارع تلبية لمطلب طهران بعدم التخلي عن السلاح الذي تحول فتنة وليس قوة ردع، كما كان يصورها ما يسمى "حلف الممانعة".

لبنان اليوم على مفترق طرق، إما أن يذهب إلى التعافي والعودة إلى الحضن العربي والمجتمع الدولي، وإما أن يستمر في العزلة التي تزيد من فقره وأزماته المعيشية، وهو ما يحاول الرئيس جوزاف عون تفاديه بأقل الخسائر.

بل هو ما حذرت منه كل العواصم التي ترسل يومياً موفدين إلى بيروت، التي عليها أن تقرر سريعاً لأن ليس لديها ترف اللعب في الوقت الضائع، خصوصاً أن المنطقة مقبلة على تغيرات كبرى، لن تستطيع الجعجعة والشعارات الممانعة وقفها.

فالشعب اللبناني، بمختلف طوائفه وأحزابه على قناعة منذ زمن أن العلاج الوحيد للأزمة هو بإنهاء أسطورة النفوذ الإيراني، بل التخلص منها نهائياً كي لا يبقى كأنه "مسمار جحا" كلما أرادت طهران ابتزاز أي عاصمة استخدمت لبنان متنفساً لها.

وبعد الحرب الأخيرة تبلورت قناعة عند غالبية اللبنانيين، ومنهم معظم الطائفة الشيعية، أن الخروج من نفق الأزمات يستوجب العودة إلى لبنان، وليس الرهان على الخارج، لا سيما الخارج الذي تسبب في حروب عدة، وعمل على تكريس الانقسام المذهبي، بعدما كان البلد تعافى منها في العقود التي تلت وقف الحرب الأهلية.

لهذا، إذا أراد "حزب الله" الخروج عما رسم في اتفاق 27 نوفمبر 2024، ويتحرش بأي دولة، أو مكون، فهو يدرك مسبقاً أن قمعه أسهل بكثير من المرات السابقة، لذا فإن محاولته هو و"حركة أمل" إثارة الشارع من خلال الدعوة إلى الإضراب والاعتصام في بيروت، إنما هي زوبعة في فنجان، فما كُتب قد كتب، والاستقواء بإيران كمن يستقوي بمن يحتاج إلى المساعدة لرد الصفعات التي يتلقاها يومياً.

آخر الأخبار