الأربعاء 27 أغسطس 2025
40°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
فيتنام تحرَّرت برجلين وليس بشعب متفرغ للإنجاب
play icon
الافتتاحية

فيتنام تحرَّرت برجلين وليس بشعب متفرغ للإنجاب

Time
الثلاثاء 26 أغسطس 2025
أحمد الجارالله

سورية اليوم تحت حكم عقلاني، هذا ما تثبته الأيام والتجارب، لذا حين يقول الرئيس أحمد الشرع: "إن العلاقة مع إسرائيل تمر عبر عودة الجولان والالتزام باتفاق 1974، ولن يتم بحث أي اتفاقية سلام قبل تنفيذ بنود هذا الاتفاق"، فهو لا يخرج عن الواقع، ولا يضع شعارات وهمية غير قابلة للتحقيق.

سورية تحديداً تقع في نقطة جغرافية حساسة جداً، وفي واقعها السياسي الحالي لا تستطيع أن تكون غير ما هي عليه، لا سيما أن الذين طردوا منها يحلمون بالعودة إليها، والإمساك بخناق شعبها مرة أخرى، فيما يبدو أن الحكم الحالي يدرك أن أي خطوة ناقصة تعني العودة إلى المربع الأول، لذا يتعامل بواقعية.

لهذا، هو لا يستطيع مناطحة الصخر، فالظروف التي تركها النظام السابق، جعلت الشعب يرزح تحت وطأة المجاعة والعوز، ونزوح الملايين إلى بلاد الله الواسعة، هرباً من البطش والقمع.

فدمشق أيام نظام "البعث" لم تخرج من الخط العربي، وبنت سياستها على الرفض المطلق لأي حلول، كما كانت حال العواصم العربية المحكومة بطغمة تحاول الاحتيال بالشعارات على معالجة واقعها المرير، مستندة إلى أمجاد أصبحت في بطون التاريخ شواهد على خيباتها، وليست محفزاً على بناء القوة المعرفية، والتخاطب مع العالم باللغة التي يفهمها، بينما في المقابل، عدوها أنشأ قوته على ضعفها أولاً، وثانياً على تأييد العالم له، لأنه كان يخاطبه باللغة التي يفهمها.

في المقابل، العرب، وهم أكثر من يتداول بالأمثال، لم يفهموا معنى المثل الشعبي "إذا ما طاعك الزمان طيعه"، لذا رفضوا أي فرصة لنيل الحقوق العربية، منذ العام 1948، وما قبله، فلا هم قبلوا بالتقسيم، وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي منحت لهم، ولا هم حاربوا، أو بنوا جيوشاً يمكنها كسر عدوهم، لذا أصبحوا فعلياً خارج المعادلات الإقليمية والدولية.

لهذا، من يدرك الواقع ويعمل وفق قوته وحده يستطيع الوصول إلى ما يريد، وهذا ما يحاول فعله الحكم السوري الحالي، فهو يعمل على إعادة بناء بلاده من جديد، وفق معادلة واضحة هي وحدة سورية وشعبها، وبلسمة الجراح، وإعادة المهجّرين إلى البلاد، ومن جانب آخر إقامة علاقات مع المحيط العربي والعالم، تقوم على كل ما يفيد الدولة والشعب.

هذا لا شك ينطلق من أساس واقعي، فالقارئ لتاريخ سورية، والإقليم، يعرف أن الكثير من الدول قامت ثم بادت، وإمبراطوريات عدة مرت على هذه المنطقة ورحلت، بينما بقيت الجغرافيا والشعوب، وهي الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع في هذا الشرق، خصوصاً أن سورية كانت عبر التاريخ ممراً للجيوش والغزاة، ورغم ذلك من يحافظ عليها كوحدة واحدة، على اختلاف مكوناتها، يعرف أنها قادرة على النهوض مرة أخرى.

أمس، أصبحت سورية خارج نظام العقوبات الأميركية، والأوروبية، وباتت لديها القدرة على إعادة الإعمار، وفي هذه المرحلة لن تستطيع المحاربة على جميع الجبهات، لذا حين يحدد الرئيس أحمد الشرع الخطوط العامة للمصالح الستراتيجية لبلده، فهو يتعامل بواقعية، ويستند إلى دعم دولي وعربي كبير.

لذا نقول للرئيس الشرع ألا يلتفت لمن يخوّنون حكمه، ويطلقون الشعارات الرنانة الخاوية من أي قوة، وعليه أن يحافظ على سورية ومصالحها، كي لا يعود الشياطين والمخربون ليجعلوا من بلاده بيئة إرهابية مرة أخرى.

علينا أن نتذكر أن فيتنام تحرّرت عبر رجلين هما هوشي منه والجنرال جياب، ولن تتحرر فلسطين من خلال تجار السياسة وشعوب مغسولة الأدمغة ومتفرغة للإنجاب والتكاثر.

  • أحمد الجارالله

آخر الأخبار