علماء بغداد للرشيد: لا أحد يفيدك بأنك من أهل الجنة

قال لأفراد حاشيته: أريد فقيهاً ربّانياً من خارج العراق

أريد أن أختلي بأمير المؤمنين ومعه المصحف

ضع يدك يا خليفة على المصحف وأقسِم

الليث بن سعد الذي فاق في علمه الإمام مالك

انتظَروا في الخارج ليروا كيف سيحل هذا الأمر

هل بكيت يوماً من مخافة الله وهل حقاً تخافه؟

في لحظة غضب، قال هارون الرشيد لزوجته زبيدة: "أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة". ثم ندم على ذلك، لأنه كان يحبها كثيراً، فحزنت هي أيضا حزناً شديداً.

جمع علماء بغداد كلهم للفتوى في الأمر، فقالوا: "من يجرؤ منا على أن يفيدك بأنك من أهل الجنة"؟

ضاقت الأمور على الخليفة الرشيد، فقال لأفراد حاشيته: أريد فقيهاً ربانياً من خارج بغداد الآن، فقال أحدهم: "هناك الليث بن سعد، شيخ فقهاء مصر الذي فاق في علمه الإمام مالك، وكان الإمام الشافعي يقول الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يكتبوا علمه في الكتب، فضاع علمه".

قال هارون أحضروه، فلما حضر ودخل، قام العلماء احتراماً له، وعرضت عليه المسألة، فنظر الليث في وجه هارون الرشيد ثم في وجه العلماء، وقال: "يا أمير المؤمنين، أريد أن أختلي بك وحدك، ومعك المصحف، فانصرف الجمع من المجلس، وانتظروا في الخارج ليروا كيف سيحل هذا الأمر الذي حيرهم"؟

قال له الليث: "ضع يدك يا أمير المؤمنين على كتاب الله وأقسم أنك ستصدقني، ولن تكذب"، فأقسم هارون الرشيد، فقال: "يا أمير المؤمنين، والله ما استحلفتك تهمة فيك، فإنني أعلم أنك صادق القول، لكن أردت أن لا تخدعك نفسك، بالله عليك، هل ذكرت الله يوما وأنت خالٍ، ففاضت عيناك، هل بكيت يوماً من مخافة الله، وهل حقا تخاف مقام ربك يوم يقول

لمن الملك اليوم، فلا يجيب أحد"؟

قال هارون الرشيد: "وحق منزل هذا الكتاب، لقد حدث ذلك مراراً وتكراراً على فترات".

فقال الليث: "افتح كتاب الله على سورة الرحمن"، ففتحها هارون، فقال اقرأ سورة الرحمن بتدبر، فقرأ هارون حتى وصل إلى قوله تعالى: "ولمن خاف مقام ربه جنتان"، فقال الليث: "كفى... كفى هي، والله الإجابة الشافية يا أمير المؤمنين، جنتان لا جنة واحدة، وزوجتك زبيدة ليست طالقاً، لأن الله يقول "ولمن خاف مقام ربه جنتان" لا جنة واحدة".

ثم قال: "فليدخل العلماء الآن".

فدخلوا فقال لهم: "أما والله ما صرفتكم استخفافاً بكم، لكن أحببت أن أختلي بأمير المؤمنين حتى لا تدخل عليه نفسه"، فأقر العلماء جميعاً بقول الليث بن سعد في فتواه، ويقول الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم): "لا يلُج النار رجل بكى من خشية الله"، وقال أيضاً: "عينان لن تمسهما النار، عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله".

عِبر يجب أن يتذكرها الجميع

تستريح في الطائرة ولا تعرف قائدها، وتستريح في السفينة ولا تعرف قبطانها، أفلا تستريح في حياتك وأنت تعلم أن الله مدبرها؟

عجبت لثلاثٍ، رجل يجري وراء المال والمال تاركه، ورجل يخاف على الرزق والله رازقه، ورجل يبني القصور والقبر مسكنه.

ما كُتب لك سيكون لك حتى لو لم ترغب فيه، وما ليس لك لن يكون لك حتى لو مت من أجله، فكر قليلاً، لا تجزع من أمر لا تفهمه، فقد يكون في خفاياه خير عظيم.

السقوط درجات، أدناها السقوط من العين، وأوسطها السقوط من التفكير، أما أقساها فالسقوط من القلب هو الأكبر.. صحيح أن المياه تعود إلى مجاريها، لكنها لا تعود صالحة للشرب.

نكشات

يقولون إن فراق بعض البشر يستحق سجدة شكر لله، لأنهم فارقونا وابتعدوا وابتعدنا عنهم.

ابتعد عن الناس الذين يعكرون مزاجك، فهذا حق لك وأنت صاحب القرار.

الحرية هي أن تنام ليلاً دون أن تفكر في أحد، أو تهتم لأحد، ففي النهاية قرارك هو الأقوى والحكمة مهمة.

كن لطيفاً مع الأصدقاء، أو مع الناس، عندما تكون في طريقك للصعود، لأنك ستقابل بعضهم في طريقك للهبوط، والدنيا يوم فوق ويوم تحت... انسجم معها.

أحياناً لا نملك إلا الصمت، فهو سيد الموقف، وهو القرار الحصيف، وعلى الله الاتكال.

يقولون - وهذا صح - الظلم ظلمات... متى يأتي غضب الله؟ هذا أمر عنده جل جلاله، وما من ظالم إلا سيُبلى بأظلم.