الأربعاء 03 سبتمبر 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
تعظيم الناتج الوطني يحتاج إلى سرعة قرار
play icon
الافتتاحية

تعظيم الناتج الوطني يحتاج إلى سرعة قرار

Time
الأحد 31 أغسطس 2025
أحمد الجارالله

للمرة الأولى يشعر المراقب أن ثمة انضباطاً وزارياً في مجلس الوزراء، وهذا أمر مهم كي تسير العجلة وفق ما هو مرسوم في الطريق إلى التنمية التي طال انتظارها، خصوصاً أنه لم يعد أمام الحكومة أي عائق لتنفذ خططها التي وجّه صاحب السمو الأمير لوضعها من أجل النهوض بالكويت وعودتها إلى الريادة.

نعم، في السابق كانت معوقات عدة تمنع السلطة التنفيذية من تحقيق أهدافها إلا إذا جاءت متوافقة مع رغبات النواب، أو من يمثلون، أو لم تلبِ أهداف الناخبين، ولهذا رأينا التراجع الكبير في كل المشاريع التنموية، جراء الكمائن التي كانت توضع أمام الوزراء، بل الحكومة كلها.

هذا السبب جعل الكثير من القوانين تنام في أدراج مجلس الأمة لسنوات، بينما تُقر تشريعات تخدم فئات معينة، وهو ما أثقل موازنة الدولة، وجعلها تقع في عجز كبير، ولقد لاحظ الجميع في مراحل ما إعلان مجلس الوزراء قرب نفاد السيولة، لأنه كان هناك إنفاق يفوق المعقول، تحت شعار "عدم مسّ جيب المواطن".

في المقابل، كان هناك مسّ للجيب بطريقة غير مباشرة، عبر الانكماش الاقتصادي ومحدودية الحركة التجارية، التي رفعت معدلات التضخم، ما جعل المواطن يقع تحت عجز كبير، لا سيما أن نحو 85 في المئة من المواطنين يعملون في القطاع العام، ورغم التحذيرات من التخمة في التوظيف العشوائي، استمر ذلك، حتى وصل الباب الأول من الموازنة إلى رقم يفوق حجم رواتب دولة كبرى.

رغم كل هذا، لم تكن هناك أي محاولات لتعزيز الناتج المحلي، وعدم الاكتفاء بالاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيس، بينما لم يجرِ أي تطوير على خطط المال السيادي، والصناديق الأخرى، التي يمكنها وحدها، إذا استُغلت بطرق صحيحة، أن تكون هي الرافد الأساسي للدخل الوطني.

مرات عدة كتبنا عن أن الرواتب منذ 16 عاماً، لم تزد، فيما ترتفع أصوات المتقاعدين من عدم كفاية معاشاتهم، بينما مؤسسة التأمينات الاجتماعية لديها فائض مالي، رغم العجز الاكتواري، وسنوياً يزداد عدد المتقاعدين، وهذا يدفع إلى البحث عما يوفر قدرة للصرف على هؤلاء، لا سيما أن أسعار النفط تنخفض، وقد خسرت نحو 40 في المئة في السنوات الأخيرة، ما يعني ضرورة البحث عن مصادر دخل أخرى تعزز المالية العامة للدولة.

صندوق "التأمينات" وغيره من الصناديق الأخرى، ذراع مهمة في عملية التنمية، إذا كانت هناك عقول قادرة على توظيف الأموال في استثمارات ذات عوائد مجزية، محلية في الدرجة الأولى، ومضمونة خارجياً في الدرجة الثانية، على غرار صندوق التقاعد النرويجي، الذي تحول إلى أكبر صندوق سيادي في العالم، بفضل الذهنية الإدارية القادرة على منع استغلاله، في التوظيف أو ما شاكل، كي يبقى ينمو وفق ما هو مخطط له.

في الكويت، علينا الاعتراف بأن الأمور تختلف جراء مقولات عفى عليها الزمن، وهي تضع الأسس الفاسدة للتطور السلبي وليس الإيجابي، مثل "هذا ولدنا" وغيرها، مما فتح الأبواب لاستغلال كل المؤسسات وموارد الدولة في النهب المباشر وغير المباشر، وكأن الوطن مجرد محطة موقتة.

إن هذا جعل الفساد يصل حتى إلى مخالفات السير، ومهربي المخدرات، مع انعدام الضمير، ولهذا حين تعلن وزارة الداخلية اليوم عن اكتشاف شبكات تزوير وغيرها، لا يستغرب المرء ذلك.

من هنا، اليوم الفرصة متاحة أمام الحكومة كي تعمل على تحقيق المشاريع التنموية الكبرى، مستعينة بالصناديق المحلية لتأسيس منظومة اقتصادية فعّالة، بينما تعمل، في الوقت نفسه، على التخلص من الذين يعيقون الانطلاقة، وفي المقابل عليها وضع الخطط الصحيحة لتدريب المواطنين على مهارات حرفية، كي تتخلص من تخمة الموظفين في القطاع العام، على غرار الدول الحضارية، وكل هذا متاح إذا خلصت النية، واستفادت الحكومة من الانضباط الوزاري.

آخر الأخبار