تابعت باهتمام شديد اجتماعات الحوار رفيع المستوى الذي جمع منظمة التعاون الرقمي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية لتعزيز التعاون الرقمي الإقليمي، الذي عقد بمقر المجلس في الرياض، لمناقشة مخرجات مسرعات الفضاء الرقمي خلال عامي 2025 و2026، والذي استهدف تعزيز التعاون الرقمي الإقليمي، وتقييم استخدام الأفكار والاعتبارات المستقاة من هذه المسرعات لإثراء جهود التخطيط المستقبلي في مجالات السياسات الرئيسة، وتعزيز أوجه التوافق والمواءمة.
إضافة إلى توقيع كل من جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمين العام لمنظمة التعاون الرقمي، ديمة بنت يحيى اليحيى برنامجاً تنفيذياً يضمن مواصلة تفعيل مذكرة التفاهم القائمة، ويحدد خارطة طريق مشتركة للتعاون في المجالات التقنية المتعددة لدفع التقدم في هذا المجال.
ما يثلج الصدر أن دول مجلس الخليج العربية وفي مقدمتها الكويت الحبيب نجحت بتفوق في إحراز تقدم كبير في مجال التحول الرقمي والتقنيات الحديثة متماشية مع الثورة التقنية الهائلة التي يعيشها العالم؛ من خلال تنفيذ عدد من المبادرات والدعائم الرقمية التي وضعت المنطقة على خارطة الريادة العالمية في الاقتصاد الرقمي والحكومة الذكية.
ويأتي إعلان الكويت الذي صدر خلال القمة 45 لدول "مجلس التعاون" في ديسمبر 2024 كعلامة مميزة، أشار إليها الأمين العام لـ"مجلس التعاون"، كونه قد وضع في صدارة أولوياته الاقتصاد الرقمي والتحول الرقمي، لافتاً للأهمية البالغة لهذا التوجه، وناقش كل التحديات التي تواجه دولنا في هذا الملف المهم، وكيفية علاجها وتحويل التحديات إلى فرص عظيمة تدفع نحو مزيد من التقدم والرقي، ما جعل تجربة دول "مجلس التعاون" الخليجي تحظى باحترام العالم، فلا يمكن الحديث عن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وتخزين المعلومات والإنترنت، دون الإشارة إلى دول "مجلس التعاون" التي أصبحت تتبوأ مكانة رائعة في هذا المجال، وأكبر وأبرز دليل هو استضافة دول المجلس مؤتمرات عالمية أبرزها مؤتمر ليب الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية سنوياً، ومؤتمر الحكومات العالمي الذي يعقد في دبي سنوياً، وهذان المؤتمران أصبحا منصة مهمة للمجتمع الدولي للتعاون في المجال الرقمي.
لقد آمنت الكويت وقيادتها بأن التحول الرقمي ضرورة لمواكبة العصر وللنهوض الاقتصادي والحضاري؛ فكان هدفها أن تصبح مجتمعاً معرفياً ورقمياً عصرياً، فراحت تحقق الإنجاز وراء الآخر، فسعت لامتلاك بيئة رقمية متقدمة وراسخة، فقد شَغَلَت الكويت موقعًا متقدمًا في سباق الجيل الخامس، حيث تغطّي شبكة 5G نحو 97 في المئة من السكان، وقُدّر الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عام 2024 بما يفوق 10 مليارات دولار، ويمثل سوق الاتصالات الجديد والمزدهر جزءاً من خطة "رؤية 2035" الطموحة، التي ترسم ملامح اقتصاد رقمي متنوع ومستدام.
وفي قلب التحول، انطلقت العديد من المنصات في مجال الحكومة الرقمية والتعليم والصحة والاقتصاد والمدفوعات الرقمية (فنتك)، فرأينا منصة "سهل" التي تجسد نموذج الكويت الذكي، إذ بات لكل مواطن ومقيم إمكانية إنجاز جميع المعاملات المدنية من خلال التطبيق، دون الحاجة للمراجعة الحضورية، وتعكس ستراتيجية "تحول الخدمات الرقمية" حراكاً حكومياً شاملاً، حيث تتعاون أكثر من خمسين جهة حكومية لمواءمة خدماتها ضمن إطار متكامل رقمي، لترسيخ الاستدامة والشفافية وتقليص التعقيدات.
ولم تقتصر الرقمنة على المنصات المدنية، بل امتدت إلى قطاع الأعمال عبر تطبيق "Sahel Business"، الذي وحد خدمات تسجيل الشركات، وإصدار التراخيص، وتجديد الوثائق في موقع واحد، مما يعزز من سهولة الاستثمار وبيئة الأعمال. وللحديث بقية.
كاتب يمني