الخميس 04 سبتمبر 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الاستشارات الأسرية بلا رؤية... وميزانيات تهدر ولا إصلاح يتحقق
play icon
كل الآراء

الاستشارات الأسرية بلا رؤية... وميزانيات تهدر ولا إصلاح يتحقق

Time
الثلاثاء 02 سبتمبر 2025
بسام فهد ثنيان الغانم

مراكز الرؤية تتحول إلى ساحات خصومة، بدلاً من لقاءات مودة، ودعوة لإلغاء إدارات عاجزة، واستحداث آلية إنسانية لتنفيذ أحكام الرؤية.

في الوقت الذي تتزايد فيه معدلات الطلاق في الكويت بوتيرة مقلقة، تقف إدارة الاستشارات الأسرية، بما تحمله من هياكل تنظيمية وموازنات ضخمة، عاجزة عن تحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله، المتمثل في الإصلاح بين الأزواج قبل الانفصال، وتنظيم رؤية الأبناء بعد الانفصال.

هذه الإدارة التي تندرج تحتها إدارات عدة، مثل مراكز الرؤية ومراكز إصلاح ذات البين، وهيئة المحكمين، وغيرها، تحولت من مشروع إصلاحي إلى عبء ثقيل على كاهل وزارة العدل والدولة، لا سيما مع تضخم التكاليف التشغيلية، دون أثر ملموس على أرض الواقع.

ورغم أن الهدف النبيل لإنشاء هذه المنظومة كان حماية كيان الأسرة وتقليل نسب الانفصال، إلا أن الأرقام تشير إلى العكس تماماً، حيث ارتفعت حالات الطلاق من 7865 حالة عام 2023 إلى 8168 في عام 2024 بمقدار 303 حالات وبنسبة 3.9 في المئة، في مؤشر خطير على اتساع رقعة التفكك الأسري.

ففي السابق كانت الشريعة الإسلامية الغراء تنتدب حَكَماً من أهل الزوج وآخر من أهل الزوجة، بهدف الإصلاح وتقريب وجهات النظر، وغالباً ما كان ذلك يثمر عن تهدئة النفوس ومنع الانفصال. أما اليوم فقد تم استبدال هذه المنهجية الشرعية بإدارة الاستشارات الأسرية التي عجزت عن احتواء الأزمة، بل وساهمت في تعميقها.

إضافة إلى ذلك، فإن مراكز الرؤية التي كان من المفترض أن تكون حاضنة للقاءات الودية بين الأبناء ووالدهم المنفصل، تحولت في كثير من الأحيان إلى ساحة للتعنت والخصومة، حيث يتم منع المحكوم له من رؤية أبنائه تحت ذرائع واهية.

الأدهى من ذلك أن هذه المراكز أصبحت أقرب إلى مخافر شرطة، حيث تستدعي دوريات الأمن لأسباب لا تستحق، مما يفسد الجو العاطفي المفترض أن يسود لقاء الوالد بأبنائه، ويزرع في نفوس الأطفال الخوف والقلق من هذه التجربة.

وفي ظل هذا الواقع، لا بد من إعادة النظر في هذه الإدارات التي أثبتت فشلها الذريع في تحقيق أهدافها، وعلى رأسها مراكز الرؤية ومراكز إصلاح ذات البين، بعدما تحولت إلى أدوات تعقيد وعرقلة بدلاً من أن تكون أدوات إصلاح.

إن استمرار هذه الهياكل يعني استمرار المعاناة، لذلك بات من الضروري إلغاءها واستحداث آلية جديدة لتنفيذ أحكام الرؤية، تكون أكثر عدلاً وإنسانية ومرونة، وتحافظ على الروابط العاطفية بين الأبناء وآبائهم، دون تعريض الطفل لمواقف نفسية مؤلمة.

فالبديل المنشود يجب أن يضع مصلحة الطفل فوق كل اعتبار، ويتم تنفيذه بأسلوب بعيد عن المشاحنات، أو الأجواء الأمنية، لضمان أن يكون اللقاء الأسري لحظة دفء ومودة، وليس مشهداً مرعباً يترسخ في ذهن الطفل، ويؤثر في تكوينه النفسي لسنوات طويلة.

آخر الأخبار