ثمة بعض الكويتيين لديهم قناعة ان الكويت زائلة، او هي دولة موقتة، وان وجودهم فيها موقت.
للاسف إن هؤلاء لا يعرفون بلدهم، ولا تاريخ وطنهم، ولا العلاقات التاريخية بين عائلاته، فهؤلاء إما أن يقولوا ما يسمعون من الاخرين، الذين يمكننا تسميتهم اعداء، وإما مشكوك في وطنيتهم، وإما ليس لديهم انتماء.
ايا كان الامر، إن مشكلة الجهل يمكن حلها عبر التنوير، وهذه عملية ليست سلهة، ولا تكون من خلال الشعارات، إنما تكون عبر ترسيخ الانتماء في النفس، من خلال برامج توعية مدروسة.
ايضا إن هذا الامر يدل على وجود قناعات زائفة تعتبر الوطن هو القبيلة او العشيرة او العائلة، وهذا مزج غير منطقي اطلاقا، لأن النواة خطأ، فالوطن هو مجموعة قيم، تبدأ من الاسرة وتنتهي بالمجتمع، وبينما تذوب الانتماءات الطائفية والقبلية والعشائرية، رغم اهميتها في التعاضد الاجتماعي، لكن ذلك لا يلغي الوطن.
منذ نحو 400 عام، اصبحت الكويت، كمجتمع صغير، وطنا لمن اقام فيها، وعمل على ارضها، وصاد من بحرها، ويومها لم تكن هناك اي فكرة مشوهة عن الدولة الموقتة، فمنذ ذلك التاريخ، اي من عام 1913، لم يكن هناك من يقول انها زائلة، او انها دولة موقتة، ومن يقول ذلك لا يفقه ماذا تعني هذه الارض لاهلها، ولا هو مطلع على تاريخها.
وجود الانسان لا يكون إلا عبر هوية، هكذا درجت العادة منذ الازل، منذ عرف الانسان العمران، ولهذا أن تكون ابن الارض، ايا كانت هذه الارض، فلذلك فخر لك، لان لك هوية، اي وجود، فملايين من الناس يهجرون بلادهم، لكنهم لا يتركون الوطن.
هؤلاء الذين يتحدثون بهذه الفكرة، او يروجون له لم يعياشوا المجتمع الكويتي، ولا هم عانوا المعاناة التي تكبدها الاوائل، قبل النفط، والعيش على الكفاف، ورغم ذلك لم يتركوا الكويت، الوطن، الذي دافعوا عنه في الملمات والغزوات، وبذلوا النفس في سبيله.
في تلك الايام لم يكن هناك اي مصدر من مصادر الراحة والرفاهية، رغم ذلك ايقنوا انهم في وطن نهائي، لا مكان يعزهم اكثر منه، ولا فخر لهم الا فيه، اكلوا الجراد، وشربوا الماء المالح، ولم يفروا من وطنهم.
من يروج لتلك الفكرة، إذا كان جهلاً فهذا يجب أن يتعلم معنى الوطنية، وإذا كان عارفاً فهذا يرتكب الخيانة، وفي كلا الامرين لا بد من تحرك ما، لان الانتماء الحقيقي يبدأ من القناعة الراسخة أن الكويت وطن نهائي، لا هوية للمواطن من غيرها.