لي الشرف أن يكون من الأساتذة الجامعيين الذين تتلمذت عليهم في كلية الآداب، جامعة عين شمس في القاهرة في العام 1971، الأستاذ الدكتور عبدالقادر القط، رحمه الله تعالى، فقد كان أستاذي هذا، قامة أدبية عالية المستوى، يحثنا بأسلوبه التعليمي الرائع على الوصول إليها بكل جدية، وتفانٍ وإخلاص، ومحبة.
ومن أفضل دروسه لنا نحن المحظوظين العرب بمحاضرته الأسبوعية الممتعة والمفيدة معاً، أن نركن إلى أسلوب الاحتمال عند كتابتنا البحوث والمقالات النقدية، بدلاً من الأسلوب الحتمي اليقيني، الذي كان يتردد لدينا ولدى غيرنا من الكتّاب والدارسين العرب.
فمن آفة الكتابة التي تعّودنا عليها نحن في أبحاثنا وطرح أفكارنا، أن نكتب بعض العبارات الاستبدادية في الفكر- إنْ جاز لنا هذا التعبير - مثل: وفيما لا شكّ فيه، ولا جدال في أن... ومن المؤكد أن.
والصحيح، أن نبدل عنها في كتاباتنا الأدبية أو النظرية النقدية والبحثية إلى عبارات تفيد الاحتمال والصواب والخطأ مثل: ولعلّ...يبدو أن – ربما كان – نميل إلى – وفي ظني – أو وأغلب الظن أن... المأثورة عن عميد الأدب العربي خريج جامعة "السوربون" الفرنسية المرموقة طه حسين.
ورغم الدراسات والمناهج المتميزة التي كنا نبحثها وندرسها في كلية الآداب، المتطورة مقارنة بالدراسات والمناهج العربية المقررة على طلاب جامعة الأزهر، وكلية دار العلوم، فقد كان أستاذنا عبد القادر القط يرى ضرورة الاهتمام أكثر بالأدب العالمي الحديث، المتأصل في الأدب الأوروبي، في الرواية والقصة القصيرة والمسرح، فصار الواحد منا ميّالا إلى الانتصار للجديد في معظم علوم اللغة العربية.
لقد علّمنا أستاذنا القط أن الخصومة بين القديم والجديد أمر لا مفرّ منه؛ لكي ينتج عنها، أو يتمحص خلالها أمر الجديد، مؤكداً أن الانتصار للجديد في كل وجوه الحياة النموذجية حادث في النهاية؛ فلماذا التأخير والتسويف في قبوله لدينا نحن العرب؟.
كاتب فلسطيني