بناء على خبر صحافي منشور في صحف الاحد الماضي فإن الحكومة المصرية جنست 25 سورياً وجميعهم من مدينة حلب، والسؤال هنا: لماذا حلب وليست دمشق العاصمة، هل لحلب خاصية معينة لدى المصريين ام لان الحلبيين تجار احترافيين، بينما السوريون معروفون انهم شطار في التجارة. ويمكن من بسطة صغير على زاوية من شارع فرعي تتحول بعد فترة دكاناً ثم "سوبرماركت"، ومن بعد الى شركة منافسة لشركات قائمة.
السوريون في خلال سنوات الازمة وفرار او هروب وهجرتهم من بلادهم الى دول استقبلتهم بصدر رحب وهيأت لهم، جميع سبل العمل الحر، ومن دون فرض اتاوات او شركاء محليين، وفي تركيا على سبيل الحصر، انقلب الوضع في "البازار" التركي من تجار اتراك الى تجار سوريين، خصوصا في المدن الرئيسية، مثل اسطنبول وباقي المدن التركية المشمولة بمناطق مدن سياحة. مصر لم تكن بعيدة فقد احيا السوريون الاسواق والشوارع المصرية من تجارة عادية الى مهرجانات للتسوق واخر الموضات.
تجنيس السوريين بيدو له نكهة خاصة، لا تجده في الاخرين، ففي لبنان جنس الشهيد رفيق الحريري في اثناء حكمه للبنان عدداً غير قليل من الا ثرياء واصحاب وملاك وعلامات تجارية كبيرة.
واذكر ان بعض اللبنانيين احتجوا على تجنيس السوريين، لكن الراحل الحريري، وهو جاء إلى الحكم من بوابة الـ"بزنس" يعرف جيداً قيمة الليرة وقيمة القرش، ولذلك فرش الطريق امام الـ"بزنس" السوريين رغم أن اللبنانيين لايقلون شطارة في البيع والشراء والصفقات وجعل الفسيخ سمك زبيدي "فريش".
اللبنانيون لا منافس لهم في استعراض الجمال، واذا قيل عن عروض ديكورات محال او فلل وقصور، قالوا لك "جيبوا لبناني".
دفعة التجنيس المصرية التي شملت 25 حلبياً ليست الاولى، ولن تكون الاخيرة طالما السوق المصري يدر ارباحاً من التجار السوريين، الذين انعشوا السوق المصرية من مطاعم، ومعارض الاقمشة ومحال الترفيه، وكازينوهات، فمصر دولة سياحية وقلب مفتوح لكل الزائرين.
لاشك ان الانفتاح العالمي السياحي قد تضررت منه السياحة المصرية في السنوات الاخيرة، فضلاً عن الازمات والحروب وجائحة "كورونا" التي اجتاحت العالم، وكبلت الناس في منازلهم، مع وضع الكمام على الفم والانف والحرص على اختبار اطعمة معينة.
نحن هنا في الكويت تعاملنا مع السوريين، لا على اساس مصلحة تنفيع السوق الكويتية، ورغم ذلك للسوريين انشطة تجارية رائعة ومربحة وجاذبة للمستهلك، ففي مناطق مثل الشويخ الصناعية وحولي واسواق مستجدة، ترى البصمات السورية واضحة، فالكويتيون، رغم شطارتهم في الـ"بزنس"، لكن مجالاتهم محدودة ويحتاجون الى رفقاء او شركاء خارجيين.
التجارة او السوق الكويتية تضررت من الهجرات المعاكسة، فعلى سبيل المثال رغم بساطة الانشطة ومحدوديتها ترك "المهارة" الذين يتاجرون بالبسة رجالية شعبية، وكانوا معروفون في سوق الغربللي وسوق واجف، ولم يبق من كل دكاكين الاخوة المهارة الا دكانين وهذان جعلا منهما فرعاً والاصل في السعودية.
يا للاسف، المهرة منذ خمسينات القرن الماضي تواجدوا في الكويت وجعلوها وطنهم الاول، لا الثاني، لكن حكوماتنا الرشيدة فرضت عليهم وجود مستخرج الاقامة والكفيل الكويتي، ومن الجهل ما يدمر الحياة والوجود والمصلحة.
بالعودة الى السوريين، وكانوا حتى وقت قصير ممنوعين من دخول الكويت، واعتقد مع المتغيرات الحالية، التي حدثت في الشام جلبت الانفتاح من الجانب الكويتي، لا سيما مع موضة الانفتاح وتنشيط ما سمي السياحة.
ما على الكويت الا الانفتاح لا على جنسيات محدودة، او ديانة واحدة، انما على البشر، نحن الكويتيين نجوب العالم ويرحبون بنا سواحاً وتجاراً وطلبة علم فلم نغلق عليهم ابوابنا؟.
صحافي كويتي
[email protected]