الخميس 11 سبتمبر 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
أسلوب رائع في التعليم
play icon
كل الآراء

أسلوب رائع في التعليم

Time
الاثنين 08 سبتمبر 2025
أحمد الدواس
مختصر مفيد

قصة حقيقية من روائع ما حدث في حقل التعليم الأميركي، ففي خمسينات القرن الماضي كان اولي نيل فتى فقيراً، من أسرة مكونة من 13 فرداً، مع الأب المزارع، يقطنون جميعهم منزلاً ليس فيه كهرباء.

أما مدرسة نيل الصغيرة فكانت في الجنوب الأميركي، ونظراً لسلوكه المشاغب فقد أزعج معلمته في الصف الآنسة غرادي، فعندما تدخل المعلمة كما جرت العادة في المدارس ينطق التلاميذ كلمة يا آنسة، أو يا سيدي، للمعلم، إذا تطلب الأمر السؤال، اما الولد بيل فيذكر أسم المعلمة مباشرة فيقول: "ياغرادي"، ما يجعلها تذرف الدمع من حين آخر، وحدث ذات مرة قُبض عليه وهو يسرق من المحل الذي يعمل فيه بعد انتهاء دوام المدرسة، لكن صاحب المحل سامحه.

وفي أحد الأيام من عام 1957 تسلل نيل من الصف، وأخذ يتجول في مكتبة المدرسة التي أنشأتها المعلمة غرادي، وأراد كتاباً للتسلية، فرأى كتاب "كنوز الوادي السعيد" للكاتب الأميركي فرانك يربي فسرقه، ولم يرد ان يخبر رفاقه في الصف حتى لا يقولوا عنه أنه يقرأ الروايات، فهذا شيء مُعيب في نظره. في المنزل استمتع بقراءة الكتاب، ولما انتهى منه بعد أسبوع، تسلل ثانية الى المكتبة أثناء الدوام المدرسي لإعادة الكتاب، وهناك وجد على الرف كتاباً ثانياً، للمؤلف نفسه فسرقه ايضاً، وكان هذا الكتاب رائعاً في نظره أيضاً، ولما أراد إعادته للمكتبة بعد قراءته اعترت الدهشة ملامح الصبي، فقد وجد كتاباً ثالثاً أيضا للمؤلف ذاته. وكرر نيل فعلته أربع مرات، فقال في نفسه: "لابد ان القراءة هي الشيء الوحيد الذي أحبه"، ثم تغير مساره، فقد انتقل لقراءة الروايات الصعبة، وقراءة الصحف والمجلات، والتحق بالثانوية ثم كلية الحقوق.

وفي عام 1991 عُين بوظيفة قانونية كأول مدعي عام في أركنساس، أي مثل النائب العام، وبعد سنوات قليلة تم تعيينه كقاضٍ، وأخيراً كقاض لمحكمة الاستئناف، لكن القصة لم تكتمل بجميع جوانبها.

لقد رأت المعلمة غرادي التلميذ نيل يسرق الكتاب الأول، فتمالكت أعصابها من شدة الغضب وأرادت مواجهته، لكنها لم ترد إحراجه ففضلت الهدوء، وفي يوم السبت، وهو يوم عطلة، قادت سيارتها مسافة نحو 112 كيلومتراً الى مدينة ممفيس، تبحث في المكتبات عن رواية ثانية للمؤلف يربي، وأخيراً وجدت كتاباً ثانياً، فاشترته ووضعته على الرف نفسه بالمكتبة، ولما رأت نيل يسرق الكتاب الثاني، عادت فقادت سيارتها يوم السبت تقطع هذه المسافة أيضاً لشراء الكتاب الثالث.

وكررت ذلك حتى الكتاب الرابع، فقد اشترت هذه الكتب الأربع من جيبها الخاص، ولم تهنأ بعطلات السبت وقت راحتها، كل ذلك في سبيل تغيير سلوك هذا الطالب المشاغب الى الأفضل.

والآن ماذا كان تأثير سلوك المعلمة على التلميذ؟

إن سلوك المعلمة لم يؤثرعلى التلميذ نيل فقط، إنما أثر على جميع الناس المُحيطين به، فابنته كارما اصبحت أستاذة في جامعة اميركية، أما المعلمة غرادي ذات القلب الكبير فقد كان بإمكانها أن تقول: إن هذا الولد فاسد الأخلاق، لكنها لا شك حوّلت حياة الكثير من الأطفال الى الأفضل بامتلاكها المستوى الفكري الرفيع للمعلمين. ليتنا في الكويت نقرر تدريس مواد تطوير الذات، لنجعل سلوك التلميذ راقيا، وكمثال على ضعف مستوى التعليم لدينا، قول المعلم للطلاب: "سأتحدث عن الدرس مرة واحدة فقط"، وهو ما يدفع كثيرا من طلابنا وطالباتنا الى الاستعانة بالدروس الخصوصية. فيا حسرتاه على نظامنا التعليمي ومخرجاته الضعيفة، فلا بد من تقييم المعلم الجيد من الضعيف، فالمعلمون لهم تأثير كبير في تطوير المجتمع، فهناك عنف بين الطلاب أو في المجتمع، فالقراءة لها تأثير كبير وفعال في تهذيب سلوك الإنسان.

آخر الأخبار