ليس جديداً التأكيد على أن العلاقة بين أكبر دولتين خليجيتين، هما السعودية والإمارات، والصلات الوثيقة بينهما كبيرة، ولهذا، فهما تشكلان مركز الثقل الاقتصادي والسياسي لمنظومة "مجلس التعاون"، فيما الحقيقة الجغرافية تجعلهما أكبر قوة ناعمة مؤثرة في العالم العربي، ولديهما تأثيرهما دولياً.
هذه الحقيقة تجعلهما، مع بقية دول تلك المنظومة، محل متابعة، أكانت إيجابية من شعوب المنطقة، أو دول العالم الساعية إلى تعزيز علاقتها الاقتصادية والسياسية مع المنطقة.
في المقابل، إذا كانت هناك نظرة سلبية من خارج يعمل على النيل من الدول المستقرة، ويتحين الفرصة كي يعمد إلى ضرب "إسفين" بين أكبر قوتين ناعمتين عربياً، ما يؤدي لاحقاً إلى إضعاف المنطقة ككل.
من هنا ينظر العالم إلى القوة الاقتصادية للبلدين (السعودية والإمارات) على أنها قوة مؤثرة عالمياً، وكذلك قوة منافسة، لهذا تكثر محاولات النيل منهما، ولهذا رأينا في السنوات الأخيرة الكثير من الدس في وسائل الإعلام الغربية، وبعض العربية، لزعزعة استقرارهما، إلا أن تلك المحاولات فشلت كلها.
لهذا، كانت زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد إلى السعودية، والاجتماع مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ما يمكن اعتباره ضربة قاتلة لمن يريد النيل من البلدين، وفي الوقت نفسه، إشارة قوية إلى أن التفاهم الأخوي في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، أساس للتحرك الخليجي.
إن هذه العوامل تدفع نحو المزيد من القوة الدولية في القضايا الكبرى، فحين يكون الناتج الإجمالي المحلي للبلدين يصل إلى نحو 1.9 تريليون دولار وأكثر، ويستند إلى قوة مساندة من بقية دول الخليج، فإن ذلك يعني أن هذه الدول قادرة على فرض شروطها من دون أي عوائق.
من هنا، فإن التكامل بين دول المنظومة ككل، لا سيما اقتصادياً، يؤدي إلى المزيد من القوة الناعمة الجاذبة لعناصر كثيرة، خصوصاً ما يتعلق بنزع فتائل التصعيد، الذي تعمل عليه الدوائر الخليجية بما يمكن تسميته توزيع أدوار مدروسة تقوم على أساس الوحدة في الرؤية حيال ما يجري في العالم والإقليم وانعكاستها على الخليج.
لا شك أن الوحدة الاقتصادية بين أعضاء المنظومة، وفرادة كل دولة بمزايا معينة تساعد على تحقيق هذا التكامل الذي لا شك يؤدي في نهاية المطاف إلى المزيد من المشاركة التي تخدم العالم العربي كله، لهذا كان واضحاً البيان في ختام زيارة الشيخ محمد بن زايد للرياض، أن البحث جرى "بأهمية العمل على ترسيخ أركان الاستقرار والأمن والسلم الإقليمي من خلال إيجاد مسار واضح للسلام الدائم والشامل والعادل".
من خلال ذلك، يُنظر إلى الزيارة بعين الأهمية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الإقليم ككل، فيما العالم يمر بمنعطف ربما يؤدي إلى إعادة تشكيل مراكز القوة، ولهذا، فإن التنسيق والتعاون بين منظومة تكاملية، أثبتت صلابتها في العقود الأربعة الماضية، وخرجت من امتحانات مصيرية بقوة أكبر من الماضي، يكون الأساس الذي يمكن البناء عليه.
أيضاً إن تواصل قادة "مجلس التعاون الخليجي" ضرورة دائمة كي يدرك العالم قوة هذه المنظومة، وكذلك علامة صحية تؤكد للشعوب أن لا عقبات في المسار التكاملي، والتعاوني بين الأشقاء.
في قانون "مجلس التعاون الخليجي" المفروض أن ينتهي إلى الاتحاد، ونحن في انتظار هذا اليوم.