الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله إلى مطار الدوحة أمس كأول الزعماء العرب الذين وصلوا إلى الدوحة للمشاركة في القمة العربية - الإسلامية الطارئة (وكالات)
لقاء الزعماء يحدد مستقبل المنطقة... إما وضع حد لتغوّل تل أبيب أو ترك الساحة مسرحاً لعبث وتوسع الاحتلال
هجوم الدوحة لم يكن مجرد تصعيد عابر وأمن الخليج على المحك والتطورات مختلفة كلياً وأكثر خطورة من أي وقت
قرارات اليوم الضعيفة والهشة وتكراراً لما سبقها ستزيد الاحتلال الإسرائيلي تغولاً وأميركا استهتاراً بالحقوق العربية
الدوحة، عواصم - وكالات: تتجه الأنظار صوب العاصمة القطرية الدوحة التي تحتضن قمة عربية وإسلامية استثنائية اليوم، في ظل ظرف إقليمي ودولي بالغ الحساسية فرضته حالة التوحش الإسرائيلي التي توجت باستهداف العاصمة القطرية الدوحة، وتنتظر ملفات عديدة على طاولة القادة العرب والمسلمين في قمة الدوحة قرارات ونتائج مصيرية ومختلفة عن كل ما سبق، فالتطورات الأخيرة مختلفة كلياً وأكثر خطورة من أي وقت مضى، ومن المتوقع أن تعتمد القمة الطارئة مشروع بيان أعده وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية في اجتماعهم أمس، حول الاعتداء على قطر والوضع في غزة والمنطقة يتوقع أن يرسم مستقبل التعامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وحل القضية الفلسطينية.
ووفقا لتفرير لموقع "الخليج أون لاين" الإليكتروني، يتصدر ملف الاستهداف الإسرائيلي الغاشم لقطر قائمة أجندة القمة الطارئة في الدوحة، إذ يستشعر القادة المجتمعون خطورة الرعونة الإسرائيلية وتجاوزها للخطوط الحمر خصوصاً بعد تهديد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتكرار الهجوم، فالهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة لم يكن مجرد تصعيد عابر، بل سابقة خطيرة تنقل الصراع مباشرة إلى عاصمة خليجية وتضع أمن الخليج برمّته على المحك، كما تأتي حرب الإبادة الجماعية في غزة المستمرة منذ نحو 22 شهراً، ضمن ملفات القمة الملحّة، فغزة أصبحت ساحة إبادة مفتوحة يمعن جيش الاحتلال فيها تقتيلاً وتجويعاً ليل نهار، ولا يتوقف المشهد عند حدود القتل والتجويع، بل يتجاوزه إلى مخططات كبرى للتهجير القسري، إذ يخطط الاحتلال لترحيل سكان غزة عبر البحر والجو مع طرح سيناريوهات لنقل بعضهم إلى مصر.
وفي الضفة الغربية، تلوح مخططات مشابهة لدفع الفلسطينيين نحو الأردن، بعد فرض ما يسمى السيادة الإسرائيلية، هذه المشاريع تعني إعادة إنتاج مشهد النكبة، لكن على نطاق أشمل وتضع القمة أمام مسؤولية تاريخية للتصدي المبكر لها، ولا يمكن تجاهل حديث نتنياهو عن إسرائيل الكبرى، الذي لم يكن مجرد فكرة عابرة أو دعاية لاستقطاب المتطرفين في الداخل، بل يعكس رؤية إسرائيلية معززة بأيديولوجيا دينية، ترى في أرض العرب حقاً لبني صهيون، كما لا يمكن إغفاء حالة الزخم التي تشهدها القضية الفلسطينية، خصوصاً بعد اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار حل الدولتين، إذ يتوقع أن يتخذ العرب ما يلزم للتصدي لمحاولات الاحتلال الهادفة لعرقلة الاعتراف الدولي بدولة فلسطين على حدود 67.
ويرى الكاتب والباحث السياسي الأردني حازم عياد أن العدوان على الدوحة سيكون الملف الأول على طاولة القمة العربية الإسلامية الطارئة، لافتاً إلى أنها ستبحث كيفية الرد على العدوان على قطر العضو في الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي، متوقعا لـ"الخليج أونلاين" أن القمة ستناقش كيفية التعامل مع هذا العدوان وكيفية لجم الكيان الإسرائيلي ومنعه من تكرار هذه الجرائم بحق الدول العربية، قائلا إن القمة جاءت بعد ثلاثة أيام من انعقاد جلسة مجلس الأمن، التي أصدرت بياناً يدين العدوان الإسرائيلي، وكذلك بعد رسالة واضحة من الجمعية العامة بدعم مؤتمر نيويورك لحل الدولتين، مؤكدا أن على الدول العربية والإسلامية أن تستثمر هذه القرارات والمواقف الأممية في قمة الدوحة، لترفع من السقوف لديها في القرارات والبيانات والإجراءات المتخذة ضد الاحتلال الإسرائيلي للدفع قدماً نحو وقف الحرب على قطاع غزة ونحو إقامة الدولة الفلسطينية.
ورأى أن على القمة مسؤولية كبيرة واستثنائية، مؤكدا أن أي تخاذل أو تردد في الرد على الاحتلال ستكون نتائجه وخيمة على الدول العربية والإسلامية، وإذا لم يُتخذ في القمة إجراءات عملية وواقعية على الأرض تردع الاحتلال وتلجمه، وتوجه رسائل قوية للإدارة الأميركية وتستمر في الموقف الدولي الداعم للحق الفلسطيني والحق العربي بعد العدوان الإسرائيلي على قطر، فإن مسار الأحداث سيتجه سلباً في غير صالح العرب، ففي حال كانت القرارات ضعيفة وهشة وتكراراً لما سبقها ستزداد إسرائيل تغولاً، والولايات المتحدة استهتاراً بالحقوق العربية وبالسيادة العربية، لذلك فإن القمة مفصلية، فإما أن تفضي إلى لجم الاحتلال الإسرائيلي أو أن تفضي إلى إطلاق يده وتوفير المزيد من الغطاء من قبل الإدارة الأميركية للتغول والتمدد الإسرائيلي، كما سيؤدي إلى خيبة أمل دولية، بعد أن اتخذت إجراءات لإدانة الإجراءات الإسرائيلية عبر الجمعية العامة والاتحاد الأوروبي.
وقال إن بعض الدول دخلت في صدام مع الاحتلال الإسرائيلي وليس من المقبول أن تتخذ الدول العربية موقفاً أقل من إسبانيا أو هولندا أو النرويج وأن تبقى تعول على التطبيع وغيره من السياسات للجم الاحتلال، مؤكدا أنه لا بد من إجراءات مشددة، إن لم تكن ستذهب إلى قطع العلاقات، فعلى الأقل تجميد بعض الدول علاقاتها واتخاذ إجراءات دفاعية مشتركة ضد الاحتلال وعلى نحو جدي، وإلا فالمسار سيكون سلبياً جداً، تمدداً للعدوان الإسرائيلي ومزيداً من التغول على المنطقة وعلى الحقوق العربية والفلسطينية.
حمد بن جاسم: قمة الدوحة يجب أن توقف رعونة الاحتلال الإسرائيلي
الدوحة، عواصم - وكالات: دعا رئيس وزراء قطر الأسبق الشيخ حمد بن جاسم، الدول الخليجية والعربية والإسلامية إلى اتخاذ مواقف وقرارات عملية خلال قمة الدوحة الطارئة لإيقاف رعونة الاحتلال الإسرائيلي ووضع حد لاستخفافها بالعالمين العربي والإسلامي، معربا على منصة "إكس" عن سعادته بما صدر من مواقف وتضامن دولي وعربي وإسلامي وخليجي مع قطر، قائلا إن المهم هو مصداقية ما سيتم اتخاذه من قرارات عملية وواضحة، خصوصاً على المستوى العربي والإسلامي والخليجي، ليس نصرة لقطر فحسب، ولكن لإيقاف وكبح الرعونة والوحشية الإسرائيلية التي تتعرض لها بلدان عديدة خارج إطار ما تسميه إسرائيل بالمواجهة مع الإرهاب، ووضع حد لاستخفافها بالعالم العربي والإسلامي من حولها.
وانتقد خطاب مندوب إسرائيل في مجلس الأمن وتبجحه بأقاويل كاذبة ومقارنات غير صحيحة، "وكأن الفلسطينيين هم من أتوا على متن السفن من شتى بقاع الأرض واحتلوا أرض إسرائيل وليس العكس"، قائلا "إذا أُريد للسلام وللعدل أن يتحق، فلا بد من المضي في عملية سلام حاسمة مدعومة بقرارات الشرعية الدولية، فلا سياسات نتنياهو ستحقق ذلك ولا سياسات حماس"، مضيفا أن القضية يجب أن تُحسم بسلام يقر للطرفين حقوقهم، وفقاً للمعاهدات الدولية وقرارات مجلس الأمن التي تجاهلها مندوب إسرائيل. وقال "قبل أن تنعقد القمة أود أن أقول للدول العربية والإسلامية إننا نعرف أن هناك سياسات ومصالح ومعاهدات يجب أخذها في الحسبان، ولكن لا بد من اتخاذ مواقف تحفظ استمرار مصالحكم وحتى لا يُفرض عليكم بالقوة ما يضر بتلك المصالح من دولة متغطرسة لا تجد من يردعها بالقانون أو بغيره"، مشددا على أنه "لا بد للقمة أن تخرج بقرارات عملية وملموسة تُتابع وتُنفذ بصورة علنية واضحة وبنوايا صادقة حتى نستطيع أن نقيم سلاماً قائماً على العدل في منطقتنا".