الوزير المخيزيم يلقي كلمته
وزير المالية رعى "التحول الطاقي": طاقة المستقبل لم تعد خياراً بل أصبحت حتمية
عادل الوقيان:
- 5 تريليونات دولار الإيرادات المقدرة عالمياً للتحول الطاقي والاقتصاد الأخضر في 2024
- 27 مليار دولار حجم سوق الطاقة المتجددة العربية... وسيبلغ 60 ملياراً بحلول 2030
جمال اللوغاني:
- التكامل بين مصادرالطاقة التقليدية والمتجددة السبيل الأمثل لضمان الإمدادات
- %35 نمو الاستثمارات العربية بمشاريع الطاقة المتجددة إلى أكثرمن 18 مليار دولار
علي المري:
- الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي وتقنيات الطاقة النظيفة مفاتيح بناء المستقبل
- مستقبل منطقتنا العربية يحتاج شبكات طاقة عابرة للحدود ومراكز ومنصات إقليمية للابتكار
مروة البحراوي
انطلقت أمس أعمال المؤتمر الدولي "تمكين المستقبل التحويل الطاقي وتنويع الاقتصاد في الدول العربية" تحت رعاية وحضور وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة ووزيرالمالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار بالوكالة رئيس مجلس أمناء المعهد العربي للتخطيط د. صبيح المخيزيم وبشراكة اقتصادية بين المعهد العربي للتخطيط ومنظمة أوابك وكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.
وأكد المخيزيم أن الدلائل الراهنة تشير إلى أن فاتورة التغير المناخي ستكون جسيمة، وأن العبء الأكبر سيقع على عاتق الدول النامية، وفي طليعتها دولنا العربية التي تقع في قلب هذه الأزمة وأمام هذا الواقع لم يعد التحول نحو طاقة المستقبل خيارا بل أصبح حتمية تفرضها ضرورة البقاء، ويكمن نجاح هذا التحول الطاقي في توظيف ثلاثة أسس لا غنى عنها وهي، تعميق التعاون العربي وتعزيز الشراكات العالمية وتطوير قنوات التمويل الأخضر لضمان الاستدامة ومستقبل أفضل لمجتمعاتنا العربية.
وقال إن توقيت اقامة المؤتمر دلالة عميقة، اننا نجتمع في وقت يواجه فيه عالمنا العربي تحديات غير مسبوقة ابرزها التغير المناجي وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وهذا يفرض على الجميع مسؤولية مشتركة ويحتم تضافر الجهود لمواجهة هذا الواقع والحد من تفاقمه.
وأشار إلى أن المؤتمر يشكل منصة علمية وحوارية هامة تجمع نخبة من الخبراء الأكاديميين وصناع القرار بما يتيح الفرص لتبادل التجارب وتقديم رؤى عملية تساعد في صياغة سياسات أكثر فاعلية، أملا بأن تسفر نقاشاته عن توصيات واضحة وقابلة للتنفيذ تسهم في تعزيز موقع منطقتنا العربية على خريطة الطاقة العالمية وتمكن شعوبنا من مستقبل أكثر ازدهارا واستدامة.
تحديات مستقبلية
من جهته، قال المدير العام للمعهد العربي للتخطيط د.عادل الوقيان إن المؤتمر يسعى إلى فهم التحديات المستقبلية التي تواجه البشرية جراء الاختلال البيئي وانبعاثات الغازات الدفيئة لرسم معالم سياسات تنموية للمجتمع العربي في هذه المرحلة المفصلية ولمواجهة العواقب الوخيمة التي يحذر منها العلماء والمفكرون وراسمي السياسات الدولية.
وأضاف الوقيان أن العالم لا يزال يشهد تحديات غير مسبوقة في مجالي الطاقة والاقتصاد وتحولات المناخ وتقلبات الأسواق وازدياد فجوة التطورات التكنولوجية بين أقطار العالم ما يزيد من القيود التنموية على الدول العربية.
وأوضح أن الاقتصادات المزدهرة مستقبلا هي التي تنوع مصادر الدخل وتستثمر في الإنسان والمعرفة والابتكار، موضحا أن تحقيق هذا التحول الاستراتيجي يتطلب رؤية مشتركة وتنسيقا عالي المستوى لتحويل تلك التحديات إلى فرص حقيقية.
وذكر أن المنطقة العربية تمتلك من الثروات والموارد البشرية ما يؤهلها لتكون شريكا فاعلا في خريطة الطاقة العالمية، لافتا إلى أن التحدي يكمن في تحويل هذه الإمكانات إلى إنجازات مستدامة وذلك من خلال تنويع الدخل والاستثمار في الاقتصاد الأخضر.
ولفت إلى أن المؤتمر سيشهد تقديم 19 ورقة علمية تشتمل على جلسات تعنى بقضايا تغير المناخ والطاقة والتحول الطاقي وأهميتها للدول العربية والاقتصاد الأخضر الذي أصبح نشاطا اقتصاديا مهما قدرت إيراداته عالميا بنحو خمسة تريليونات دولار عام 2024 وبمعدل نمو بلغت نسبته 15 %.
وأوضح أن العلماء "يتوقعون حدوث كارثة إنسانية إذا وصل ارتفاع درجة حرارة الارض إلى درجتين والتي سينتج عنها ارتفاع منسوب المحيطات وغمر أراض وتلوث أنهار وما يستتبعه من تدهور للصحة العامة والأمن الغذائي" لافتا إلى أن التقديرات تشير إلى أن عدم مواجهة تغير المناخ سيكلف العالم ما بين 11 إلى 14 % من الناتج العالمي وستتحمل الدول النامية الجزء الأكبر من الخسائر.
وأفاد الوقيان أن الانتقال إلى الطاقات النظيفة يتطلب استثمارات هائلة قدرتها الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ بنحو 5ر4 تريليون دولار سنويا حتى عام 2050 مشيرا إلى أن حجم سوق الطاقة المتجددة في المنطقة العربية بلغ 27 مليار دولار 2024 ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 14 % سنويا ليصل إلى 60 مليار دولار بحلول 2030.
خطط مشتركة
بدوره أكد الأمين العام للمنظمة العربية للطاقة جمال اللوغاني أن التكامل بين مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة هو السبيل الأمثل لتحقيق أمن الطاقة وضمان استقرار الإمدادات وتلبية الطلب المتزايد مع الالتزام بالمعايير البيئية.
واضاف إن عنوان المؤتمر يعكس بدقة حجم التحديات والفرص التي تواجه منطقتنا في ظل التحديات العالمية المتسارعة سواء على صعيد الطاقة أو الاتصال أو التكنولوجيا أو المناخ، كما أنه في توقيت بالغ الأهمية لطرح أسئلة هامة حول الابتكار والحوكمة، ويفتح آفاقا جديدة لرسم طريق عربي مشتركة نحو تحول طاقي شامل وعادل يواكب التطورات العالمية ويواجه تحديات المناخ ويعزز من المكانة العربية في الاقتصاد العالمي.
وأكد اللوغاني أن التحول الطاقي لم يعد خيارا بل ضرورة استراتجية تفرضها أزماتنا البيئية وتطلعاتنا التنموية وتغيرات الأسواق العالمية، لافتا إلى أن تنويع الاقتصاد العربي وتحريره من الاعتماد المفرط على المواد الاحفورية يمثل ركيزة اساسية لتحقيق الاستدامة وتعزيز التنافسية مع التأكيد على أن النفط والغاز سيكونان عنصرين أساسيين في معادلة الطاقة العالمية والعربية خلال العقود القادمة، إذ إنهما لا يمثلان مصدرا رئيسا للطاقة فحسب بل يشكلان أيضا دعامة اقتصادية واستراتيجية للدول العربية من حيث الايرادات وفرص العمل .
ونوه إلى ارتفاع الاستثمارات العربية في مشاريع الطاقة المتجددة العام الماضي بنسبة 35 % مقارنة بعام 2020 لتصل إلى أكثر من 18 مليار دولار وتشمل مشاريع الطاقة الشمسية ومشاريع الرياح والهيدروجين الأخضر وذلك وفقا لتقرير منظمة أوابك لعام 2024.
وأشار إلى أن التحول الطاقي لا يعني التخلي عن النفط والغاز بل استخدامهم بطريقة أكثر كفاءة واستدامة، وذلك من خلال تقنيات مثل احتجاز الكربون واحتجاز الهيدروجين الأزرق وتحسين كفاءة المصافي، موضحا ان الغاز الطبيعي بصفته أقل مصادر الوقود الاحفوري انبعاثا يمثل دورا محوريا في مرحلة الانتقال نحو الطاقة النظيفة، خاصة لتوليد الطاقة الكهربائية.
ونوه إلى ان منظمة أوابك تؤمن أن التكامل بين مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة هو السبيل الامثل لتحقيق أمن الطاقة وضمان استقرار الامدادات وتلبية الطلب المتزايد مع الالتزام بالمعايير البيئية.
وكشف اللوغاني عن تنظيم أكثر من 12 مؤتمرا دوليا ولقاء علميا ونشر نحو 9 دراسات وتقارير تحليلية حول تقنيات الطاقة النظيفة وخفض انبعاثات الكربونية عام 2024، بالاضافة إلى تقديم جائزة اوابك العلمية لهذا العام في مجال الطاقات المتجددة الذي شهد مشاركة واسعة من الباحثين.
وأعلن نتائج دراسة حديثة لمنظمة اوابك حول دمج الطاقة السمشية مع الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء، وأسفرت عن خفض الانبعاثات بنسبة تصل لنحو 40% مع تحسين كفاءة الشبكات بنسبة 25%.
كما نوه إلى مشاريع الكويت في مجال الطاقة المتجددة والرياح، ومنها مجمع الشقايا الذي يتكون من محطة شمسية طاقتها 50 ميغاوات، وتوربينات الرياح بطاقة 10 ميغاوات وغيرها من المشاريع التي شجعت الكويت على اعلان مشاريع شمسية أخرى بهدف الوصول إلى 4500 ميجاوات في العهد القادم.
تحولات كبرى
بدوره، أكد الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية د.علي بن سباع المري، أن المؤتمر يعقد في عالم تتقاطع فيه تحولات كبرى، من بينها التقلبات في أسواق الطاقة والتحديات المتصاعدة في المناخ، وفي ظل سباق تكنولوجي لا يهدأ، مؤكداً أن هذه المتغيرات لا تدع أمامنا خياراً سوى إعادة التفكير وصياغة سياسات أكثر مرونة وجرأة لمواجهة المستقبل بثقة.
وأكد المري على أن ما يواجهه العالم ليس مجرد تحديات، بل فرصاً كبرى إذا احسنا توظيفها، فالذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي وتقنيات الطاقة النظيفة ليست مجرد أدوات، بل مفاتيح لبناء المستقبل، لكن نجاح هذه المسيرة مرهون بقدرتنا على تأهيل شبابنا بمهارات الغد وتطوير نظم تعليمية عصرية، وصناعة بيئة عمل تمنحهم الحماية وتفتح أمامهم الفرص.
وأشار إلى أن مستقبل منطقتنا العربية لن يبنى بمعزل عن التعاون المشترك من خلال شبكات طاقة عابرة للحدود ومراكز بحثية وتطوير ومنصات إقليمية للإبتكار، كلها خطوات تعزز تكاملنا وتجعلنا أكثر قوة في مواجهة التحديات واكثر حضوراً في صناعة المستقبل، وقال إن المنطقة تقف اليوم أمام أسئلة مصيرية" اهمها:
كيف نصوغ سياسات تجعل من الطاقة النظيفة رافعة للتنمية لا عبئاً على الموازنات؟ كيف نمكن شبابنا من أن يكونوا قادة في صناعة المستقبل لا مجرد موظفين فيها؟ كيف نحول التحول العربي من شعارات رنانة إلى مشاريع ملموسة تغير واقعنا؟ كيف نبني إقتصاديات لا تكتفي بالصمود أمام الأزمات بل تنطلق منها نحو التفوق العالمي؟ موضحا أن هذه الأسئلة ليست للتأمل فقط بل لتكون بوصلة للنقاشات وإطار لتوصيات المؤتمر ودعوة لكل واحد ليكون شريكاً في صناعة الغد.