الخميس 18 سبتمبر 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
ماذا بعد طوفان 'حماس' الجنوني؟
play icon
الافتتاحية

ماذا بعد طوفان "حماس" الجنوني؟

Time
الاثنين 15 سبتمبر 2025
أحمد الجارالله

اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار "إعلان نيويورك" بشأن تسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية، وتنفيذ حل الدولتين، وضع الأمور في نصابها الصحيح، هذا إذا خلصت النوايا العربية والفلسطينية، قبل أي أمر آخر.

فحين تعلن 142 دولة الاعتراف بحل الدولتين، فهذا يفرض على العالم أن يتعامل مع قراراته بحزم، رغم تصريح وزير الخارجية الأميركي في تل أبيب وقوله: "حذرنا الدول من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن اسرائيل سترد على ذلك".

أما إذا بقيت الأهواء العربية، والفلسطينية تتحكم بالمواقف الحساسة، فإن ذلك سيدفع المجتمع الدولي إلى التخلي عن مواقفه، وبالتالي ستضيع الفرصة، كما ضاعت الفرص الأخرى منذ العام 1947 حتى الأمس القريب.

فهذه القضية، وكما قلنا مرات عدة، دخلت بازار التجارة السياسية، وأصبح لكل نظام أو زعيم أو قائد، بقالته الخاصة كي يستثمر في الدم والمعاناة اليومية للشعب الفلسطيني، والجميع يرفع شعار "التحرير من البحر إلى النهر"، بينما في المقابل اسرائيل تتوسع أكثر.

لنتحدث بصراحة، تل أبيب مدعومة من عواصم الغرب كلها، وعلى رأسها واشنطن، وفي هذا الشأن كان السيناتور الأميركي ليندسي غراهام واضحاً حين قال في بيروت: "إذا تخلت أميركا عن إسرائيل، فإن الله سيتخلى عنا"، وهذا ليس موقفاً للاستهلاك، بل قرار منذ وجدت الولايات المتحدة، وحقيقة علينا أن نستوعبها.

لهذا، لا يمكن التعاطي مع الأمر بالشعارات والأمنيات والأحلام، كما يتمنى بعض القادة العرب، الذين إلى اليوم لا يزالون يقفون عند شعار أحمد الشقيري وجمال عبدالناصر عن رمي اليهود في البحر.

والحقيقة أنه عندما أطلق ذلك الشعار كانت تل أبيب تبني مشروعها النووي، أي أنها لم تخف من ذلك الشعار، بل كان رد مساعد ديفيد بن غوريون "كله عند العرب صابون".

علينا الاعتراف بأن شعوبنا العربية خضعت لغسل دماغ، واستُغلت أبشع استغلال من قادتها، لأنه ليست هناك قوة عسكرية تضاهي قوة اسرائيل، ولا هناك صناعات حربية، والحلفاء الأجانب للعرب يسعون إلى تحقيق مصالحهم، من دون الخروج على مصالحهم مع اسرائيل، ولكل موقف ثمن، فلا يتكل عليها في الحرب.

لذا، علينا أن نكون واقعيين في التعاطي مع القضية الفلسطينية ومآلاتها الحالية، خصوصاً بعد ما جرى في السابع من أكتوبر عام 2023، و"طوفان حماس" الجنوني الذي جلب الويل على مليونين ومئتي ألف فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، فيما أصبحت الضفة الغربية تحت الحكم العسكري، وبناء المستعمرات يتوسع، ما أفقد السلطة الوطنية الفلسطينية القدرة على ممارسة سلطتها على أرضها التي هي نواة الدولة المستقلة.

لهذا، إذا كنا كعرب نريد خدمة القضية الفلسطينية علينا أن نسير في الطريق الصحيح، فنتخلى عن الأحلام، لأن العالمين العربي والإسلامي ليست لديهما القدرة على هزيمة اسرائيل، فكل منهم لديه حساباته، وبالتالي فإن البازار سيتوسع أكثر، وتضيع الفرصة مرة أخرى، ولا أحد من خارج هذه المنظومة سيقف معنا، بل لكل موقف ثمنه.

نعم، ربما يدينون ويشجبون، وينتهي الأمر عند هذا الحد، لهذا فإن الفرصة اليوم سانحة، بعد إعلان الأمم المتحدة، وحتى يكون الأمر واقعياً على الفلسطينيين سحب الذرائع من أيدي الاسرائيليين، فعليهم إطلاق سراح الأسرى الاسرائيليين، والقبول بالتسوية السلمية، وإبعاد "حماس" عن حكم غزة.

غير ذلك، سنبقى ندور في حلقة مفرغة، وسيبقى تجار السياسة يستثمرون في الدم الفلسطيني، ويصبح مجانين "حماس" أكثر جنوناً، فهل يستوعب العرب ذلك؟ هذا السؤال الواقعي الذي يجب أن يطرح على العقلاء العرب.

  • أحمد الجارالله

آخر الأخبار