تشير دراسات علمية حديثة إلى أن صحة الرجال الإنجابية تواجه تحديات متزايدة، إذ انخفض متوسط عدد الحيوانات المنوية عالميًا بنسبة تتجاوز 50% خلال العقود الثلاثة الأخيرة. هذا الاتجاه، الذي أكده بحث نُشر في دورية Human Reproduction Update عام 2022 بقيادة العالمة شانا سوان (جامعة نيويورك)، يثير قلقاً متنامياً لدى خبراء الخصوبة.
أرقام مقلقة
وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية (WHO) المحدثة عام 2021، يُعد تركيز 15 مليون حيوان منوي في كل مليلتر من السائل المنوي الحد الأدنى "الطبيعي". إلا أن دراسات متعددة أظهرت أن كثيراً من الرجال اليوم باتوا يقتربون من هذا الحد أو ينخفضون دونه. كما انخفض معيار الشكل السليم للحيوانات المنوية، إذ كان 50% من الخلايا يُعتبر طبيعيًا في ثمانينيات القرن الماضي، بينما أصبح 4% كافياً حالياً وفق المعايير الحديثة.
عوامل متعددة وراء التراجع
ترجع أسباب هذا التدهور إلى مزيج من العوامل البيئية ونمط الحياة:
الحرارة والعادات اليومية: الاستخدام المفرط للهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب على الفخذين، الجلوس لفترات طويلة على مقاعد مدفأة، والزيارات المتكررة للساونا—all تؤثر على الجهاز التناسلي الذكري.
التوتر المزمن: القلق وضيق الوقت والضغط النفسي يغيرون التوازن الهرموني ويؤثرون على إنتاج الحيوانات المنوية.
الأدوية والمكملات: تناول التستوستيرون الخارجي أو بعض المكملات الرياضية قد يوقف إنتاج الحيوانات المنوية في معظم الحالات، بينما قد تؤثر بعض المستحضرات العشبية على الخصوبة أيضًا.
السمنة: دراسة من مستشفى ماساتشوستس أشارت إلى أن زيادة محيط الخصر بمقدار 5 سم قد تقلل تركيز الحيوانات المنوية بنسبة 6.3% وتخفض فرص الحمل بنسبة 9%. النسيج الدهني يعمل كعضو هرموني منتج لجزيئات التهابية تقلل مستويات التستوستيرون وجودة الخلايا التناسلية.
العمر وجودة الحيوانات المنوية
رغم أن الرجال يواصلون إنتاج الحيوانات المنوية طوال حياتهم، إلا أن التقدم في العمر يقلل جودتها ويزيد من خطر الطفرات الجينية.
حلول وقائية
يشدد الأطباء على أن الفحص المبكر والمنتظم في بداية العشرينات يتيح متابعة الحالة الصحية الإنجابية وتصحيح أي مشكلات في وقت مبكر. كما ينصح الخبراء بـ:
مراقبة الوزن وتجنب السمنة.
تبني نظام غذائي متوازن.
الإقلاع عن التدخين وتقليل الكحول.
تجنب التعرض المفرط للحرارة.
الابتعاد عن تعاطي التستوستيرون الخارجي دون إشراف طبي.
حقيقة مؤكدة
اتجاه تراجع الخصوبة الذكرية بات حقيقة مؤكدة، لكنه ليس حتمياً، إذ الكثير يعتمد على نمط حياة الرجل واختياراته اليومية، حيث الفحوصات المنتظمة وتبني عادات صحية تمثل خط الدفاع الأول للحفاظ على الخصوبة وتقليل المخاطر المستقبلية.