الخميس 23 أكتوبر 2025
27°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
سمو الرئيس... شجِّعوا القطاع الخاص وشاركوه إن أردتم
play icon
الافتتاحية

سمو الرئيس... شجِّعوا القطاع الخاص وشاركوه إن أردتم

Time
السبت 20 سبتمبر 2025
أحمد الجارالله

كتب ـ أحمد الجارالله:

سمو رئيس مجلس الوزراء...

لا يمكن أن يزدهر الاقتصاد، ولا يجري تعظيم الناتج الوطني، لأي دولة، إذا كانت هناك قيود على الحركة التجارية والصناعية والخدماتية والاستثمارية، لأن سر الاستقرار يكمن في تبادل المنافع، لا سيما بين القطاعين العام والخاص، والثاني له الأولوية في التطوير كي يمارس حريته وفق ما تتطلب قوة الدولة.

إن السعي إلى إفساح المجال للعامة في ازدهار أرزاقهم، وتحسين المداخيل الخاصة هو أساس الاستقرار الاجتماعي، وبالتالي لا يمكن تحقيقه إذا سارت الأمور عكس الطبيعة التي قامت عليها الدول.

لهذا، فإن تبادل المنافع يقوم على الفرص التي تتيحها الدولة عبر مشاريع التبادل، ومن هنا ابتكر ما يسمى "BOT" (البناء والتشغيل ونقل الملكية) الذي ساعد كثيراً من الدول على تطوير اقتصاداتها، بل أصبحت قوة يعتد بها، ومنها فيتنام التي خرجت من حرب طاحنة استمرت عقوداً عدة، لكنها نهضت اليوم، وأصبحت قوة اقتصادية كبيرة، وكذلك سنغافورة، والكثير من الدول.

في تلك البلدان لا "تداحر" الحكومات العامة في أرزاقهم، بل إذا وجدت بعض المشاريع تعاني من إشكاليات، عمدت إلى مشاركة أصحابها كي تعزز قوتها، وتؤمن الكهرباء والخدمات كافة بأسعار مدعومة، حتى لا ترهق المؤسسات، وتعمل على تسهيل الإجراءات في العمالة، لأن عكس ذلك يزيد من معدل البطالة.

رغم ذلك، إذا وجدت أن التكاليف كبيرة ويمكن أن تسبب عجزاً في الميزانية عملت على زيادة الرسوم، كي تخدم مصلحة الدولة العليا.

في الدول كافة، تمنح الحكومات مساحات من الأراضي، أو ما يسمى عندنا "القسائم"، صناعية أو زراعية أو خدماتية، بنظام تبادل المنفعة، وأحياناً تشارك الدولة في بعض المشاريع، وإذا وجدت أن أحدها يحتاج إلى تطويرها من خلال زيادة الأنشطة المساعدة، عملت على تسهيل تلك الإجراءات، ولا تعيقه، بل إذا أراد إدخال شريك في المشروع ساعدته في ذلك، فالقاعدة هي "إذا عرقلنا المشروع فلن تستفيد الدولة، بل تخسر، وإذا ساعدنا في التطوير فهي وحدها الرابحة، لأن ذلك يعني المزيد من الدخل، والرسوم والضرائب.

في تلك الدول ليس هناك حسد، و"ضيقة عين" وعرقلة، لأن هذا الشخص لا يعجبنا، بل القاعدة "اتركه يمر، اتركه يعمل"، لأن الأساس القناعة بأن الأسواق تنظم نفسها بنفسها، أو كما قال آدم سميث: "السماح للأسواق بالعمل بحرية دون تدخل حكومي، مع العلم أن طبيعة السوق تنظم نفسها ذاتياً وتحصن نفسها من خلال العرض والطلب".

رغم هذا، فإن المنفعة تكون متبادلة بين الفرد والحكومة، فهو يدفع الرسوم والضرائب، وهي تخدمه في الإجراءات، لكن عندما تعجزه، فهي تخسر، والمواطن كذلك، ويزداد التضخم، ويرتفع معدل البطالة، وهذا يكون على حساب الدولة ككل، وليس على فرد معين.

في الكويت، سارت بعض المؤسسات الرسمية عكس ذلك، فعملت على سحب التراخيص، أو عرقلت المشاريع، وبعضها تسلمها المستثمر صحراء، وبنى عليها واستثمر فيها مبالغ كبيرة، منذ 40 أو 50 سنة وهي تعمل، وبعضها مرت بفترات عصيبة وخرجت منها، ورغم ذلك كانت تدفع رسوم الإيجار السنوي.

علينا أن ندرك أن الأوضاع العامة العالمية والإقليمية تؤثر سلبا في الأعمال كافة، لأن رأس المال جبان، ورغم ذلك، فإن الكثير من الدول تشجع المستثمرين المواطنين، لأنها تعمل بقاعدة "إذا سمعت هدير المدافع ابدأ التخطيط للبناء".

على هذا الأساس، عملت الكثير من الدول، أما غيرها فقد استفادت من الاستقرار والرخاء المالي بإطلاق نهضة اقتصادية، كما فعلت السعودية، والإمارات وقطر ومصر.

سمو الرئيس...

في المناطق الصناعية الكويتية، ثمة الكثير من الفرص، لكنها تحتاج إلى المساعدة، وتخفيف الأعباء، وعدم إصدار قرارات ارتجالية، لا تفيد الحكومة ولا المستثمر، ولا المواطن، فهناك مصانع ومصالح ومزارع كثيرة تفيد الاقتصاد الوطني، وتحتاج إلى الاستقرار، وليس كل فترة تصدر قرارات تعرقل أعمالها، وتزيد من الأعباء عليها، والصحيح الأخذ بيدها في حال التعثر.

لهذا، إذا عمل مجلس الوزراء على إفساح المجال أمامها كي تستمر، ومنحها الحوافز، كما تفعل الدول المجاورة وغيرها، ستكون الكويت جنة اقتصادية، استنادا إلى موقعها الجغرافي، فبعض الدول تمنح جنسياتها للمستثمرين، وتؤسس المناطق الحرة، وتشجع المواطنين على الاستثمار في كل المجالات، وتشارك العامة في المنافع.

في المقابل، إذا تدخلت الدولة، أي دولة، في أرزاق العامة فهي تحكم على اقتصادها بالتراجع، حتى الدول الاشتراكية تخلت عن التأميم، لأنها وجدت أنه يخنقها.

سمو الرئيس...

ربما على وزارتي المالية والتجارة أن تعملا على تنظيم فرق تشرح لمجلس الوزراء العقبات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني جراء القرارات غير المدروسة التي تضيق على المواطنين والمستثمرين، بل هي في المحصلة أشبه بالإعدام البطيء.

لقد أطلق صاحب السمو الأمير مشروع تخضير الكويت، من ضمن مشاريع عدة، وكلها أفرحت الكويتيين الذين لمسوا تغييرا كبيرا في مسار الدولة نحو النهوض، ولهذا، فإن على الوزراء، كل من موقعه، أن يستغلوا هذه التوجيهات في تعزيز حركة النهضة الوطنية، لأنه لا يمكن تحقيق الريادة بلا اقتصاد قوي ومنافس.

السموحة، سمو الرئيس، إذا وضعنا أمام سموكم هذه الملاحظات، وتحدثنا بصراحة، لكنها نابعة من شعور وطني بضرورة استعادة الكويت ريادتها، كما يريد صاحب السمو الأمير.

أخيراً سمو الرئيس...

إذا شعرت الحكومة بالغبن في موقع معين، فهي تعمل على تصحيح هذا الغبن بالمشاركة لا التوقيف.

آخر الأخبار