جانب من لقاء وزير المال اللبناني ياسين جابر مع مراسل "السياسة" في بيروت عمر البردان
- ياسين جابر أكد لـ "السياسة" أن للشقيقة الكويت أيادي بيضاء في مساعدة الشعب اللبناني
- الكويتيون لم ينقطعوا عن لبنان ومستعدون مع الأشقاء الخليجيين لمساعدتنا
- ما يسري على المودعين اللبنانيين يسري على نظرائهم الكويتيين والخليجيين
- نقدر الدعم اللامحدود للكويت ونحرص على حقوق الجميع ودفع ودائعهم
- ليس هناك شطب لأي نوع من الودائع... والأولوية لدينا تكمن في حفظ جميع حقوق المودعين
- النية الكويتية والخليجية لمساعدة لبنان موجودة لكن الأمر مرتبط بخطوات
- نسعى لجدولة تقسيط الودائع... ولا قدرة لمصرف لبنان على دفعها نقداً
- التضامن الوزاري موجود... وحادثة الروشة سنتجاوزها ولا اعتكاف لرئيس الحكومة
- تعافي سورية يفيد لبنان... ومستثمر خليجي كبير أُعجب كثيراً بما حققناه
- لبنان وُضع على سكة النهوض... لكن إسرائيل تشوش بمنع انتشار الجيش
- يجري إعداد قانون الفجوة المالية لإيجاد حل للأزمة المصرفية القائمة
بيروت ـ "السياسة" ـ خاص
تعمل حكومة لبنان جاهدة ليستعيد البلد عافيته ويتحسن أداؤه الاقتصادي، وتنمو عجلة النمو من خلال الإجراءات الإصلاحية التي يجري اتخاذها من جانب وزارة المالية والوزارات المعنية الأخرى، بمشاركة مصرف لبنان. ومن أهم هذه الإجراءات قانون الفجوة المالية الذي لا زال قيد الدرس، سعياً لإقراره في إطار عملية التصحيح المالي والمصرفي، وبما يحفظ حقوق المودعين اللبنانيين وغير اللبنانيين. وهو قانون بالغ الأهمية ويحظى باهتمام السواد الأعظم من الشعب اللبناني، وأصحاب الودائع العربية والأجنبية. وإن كانت هناك تساؤلات كثيرة حول قيمة الفجوة المالية المشكو منها، وبشأن تفاصيل هذا القانون، وكيفية توزيع الخسائر، ومن يتحملها، وهل أن المودعين سيخسرون جزءاً من ودائعهم، في حال جرى تحميلهم قسماً من هذه الخسائر؟. "السياسة"، وفي محاولة منها للإضاءة على هذا الملف الدقيق، وما يتصل بالخطوات الإصلاحية التي يقوم بها لبنان، لاستعادة الثقة العربية والدولية باقتصاده ومؤسساته، التقت وزير المال ياسين جابر الذي يتمتع بسيرة وزارية ونيابية مشهودة.
ويعرف عنه أنه صاحب تجربة اقتصادية غنية، من خلال شبكة العلاقات اللبنانية والعربية والدولية التي يتمتع بها منذ دخوله المعترك السياسي، منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود.
في بداية حديثه لـ "السياسة"، أشاد الوزير بحجم الإنجازات والمشروعات التي تحققت في الكويت على مختلف الأصعدة. وقال: "كنت سعيداً بما رأيت خلال زيارتي الأخيرة للبلاد"، مقدراً "الدعم الكويتي اللامحدود للبنان".
وأضاف: "هناك علاقة أخوية خاصة بين لبنان والكويت. ولا ننسى أن الدولة الشقيقة وقفت، وما زالت إلى جانب لبنان على مختلف الأصعدة، وكانت لها أياد بيضاء في مساعدة الجنوبيين خاصة، وفي مشروع الليطاني من خلال صندوق التنمية العربية الذي دعمنا، ولازال دعمه مستمراً. وهذا ما يدفعني إلى القول إن علاقات لبنان بالكويت تاريخية يحتذى بها، بالنظر إلى ما يجمع البلدين الشقيقين في مجالات عديدة".
وأكد الوزير جابر أن "الكويتيين لم ينقطعوا عن زيارة لبنان، ولديهم محبة خاصة للبنان"، مضيفاً، إن "الكويت لم تقصر تجاه لبنان، وإن شاء الله مع قيام الحكومة بكل الخطوات المتفق على أن تقوم بها، فإن الكويت ستكون مع الأشقاء الخليجيين الآخرين، مساهمين في إعادة إعمار البلد"، مشدداً، على أن "نية مساعدة لبنان من جانب إخواننا الخليجيين موجودة، لكن الأمر مرتبط بخطوات مطلوب القيام بها، وتحديداً ما يتصل بالإصلاحات وغيرها، وهذا ما نعمل عليه". وكشف، أن الكويت قدمت تبرعاً لإجراء دراسة بشأن إعادة إعمار إهراءات مرفأ بيروت، ومع إتمام الدراسة يمكن أن تساهم في إعادة إعمار الإهراءات".
سكة النهوض
وأشار الوزير اللبناني، إلى أن "الأخوة العرب يتمنون على لبنان أن يصلح نفسه. ونحن بحاجة إلى أن نعالج الكثير من الأمور، وهذا ما نقوم به، ونسعى إلى أن نخطو خطوات هامة على هذا الصعيد. واستطيع القول إن الإخوة الخليجيين وغيرهم، كانوا يقولون إنه إذا أردنا أن نقدم تبرعات وليس قروضاً، علينا أن نضمن أنها تنفق في المجال الصحيح، وتكون ذات فائدة ولذلك، فإن لبنان اليوم من خلال السياسات التي يتبعها، يعمل في هذا الاتجاه.
وإذا كان لبنان قد وضع على سكة النهوض، فإن هناك تشويشاً على الجهود اللبنانية المبذولة على هذا الصعيد، وتحديداً من جانب إسرائيل التي تمنع الجيش اللبناني من الانتشار في المناطق الجنوبية، وتعمل على إضعاف الثقة به". وأكد الوزير جابر، أن "الجيش اللبناني يبذل قصارى جهده لتحقيق الاستقرار في لبنان، لكن ذلك يحتاج إلى دعم كبير للمؤسسة العسكرية، ليس متوافراً بعد. ولذلك فإن المطلوب تزويد الجيش اللبناني ما يحتاجه، في ظل استمرار العدو الإسرائيلي في مسلسل اعتداءاته اليومية على لبنان، وهذا ما يحول دون تمكن الجيش من الانتشار بشكل كامل في الجنوب". وإذ انتقد الانحياز الأميركي لإسرائيل، فإنه لفت إلى أن "العلاقة مع الجانب الأميركي لا بد منها".
تضامن وزاري
وفي رد عن سؤال حول تداعيات إضاءة صخرة الروشة من جانب "حزب الله" بالقوة، على مصير الحكومة، أكد جابر، إن "التضامن الوزاري موجود، وبالتالي ليس هناك ما يدعو إلى القلق، باعتبار أن موضوع صخرة الروشة لا يجب أن يؤثر على مسار العمل الحكومي"، نافياً علمه بما يشاع عن إمكانية توجه رئيس حكومة لبنان نواف سلام للاعتكاف.
وأضاف، "لا اعتقد أن ما جرى يمكن أن يؤثر على مصداقية الحكومة والمؤسسات، وسنتجاوز الموضوع في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان"، مشدداً على أن "العمل مع صندوق النقد الدولي، يأخذ طابعاً فنياً في بعض جوانبه، لناحية تقديم النصائح للبنان، في مجالات الضريبة والموضوع المصرفي، وكيفية سلوك طريق المعالجات. وكذلك الأمر الاستفادة من خبرات الصندوق في مجالات التدريب والمشورة واكتساب الخبرات على الصعيد المالي، من أجل تشجيع الدول المانحة على تقديم المساعدة للبنان، والتأكد أنها ستذهب إلى مكانها الصحيح. وأيضاً الاستفادة من إنجاز الموازنات بشكل سليم، وتحقيق فوائض مالية، ما يدفع الصندوق إلى تقديم قروض للبنان، بثلاثة أو أربعة مليارات دولار، على مدى أربع أو خمس سنوات لدعم الموازنة، ما يمكننا من تحسين الاداء الداخلي.
الفجوة المالية
وعزا الوزير جابر عدم صدور قانون الفجوة المالية، إلى "تأخر الحكومات السابقة في إنجازه"، مشيراً إلى أن "الحكومة الحالية قامت بإقرار قانون رفعت من خلاله السرية المصرفية، من أجل البحث بشكل جدي في كشف أساس الودائع، وما إذا كانت هناك حالات تبييض أموال، كذلك قمنا بإعداد قانون الإصلاح المصرفي. والآن يجري إعداد قانون الفجوة المالية، سعياً لإيجاد حل للأزمة المصرفية القائمة. وبالتالي يجب أن تحفظ ودائع الناس. والأولوية الأولى تكمن في حفظ حقوق المودعين، والعمل تالياً على رد ودائعهم. وقد طلبت الحكومة من مصرف لبنان دراسة كيفية إعادة الودائع. وهذا الأمر يحتاج إلى جدولة، وهناك جهود تبذل على هذا الصعيد، لناحية ما يمكن إعادته للمودعين، وما هي أعداد المودعين الذين يمكن أن يستفيدوا من هذا القانون، بدءاً من الودائع التي تقل عن مائة ألف دولار، على أن يتم البحث في كيفية تقسيط الودائع التي تفوق المائة ألف دولار، في إطار عملية جدولة يجري إعدادها، في طيات هذا القانون، على أن يتم إرساله إلى مجلس النواب لدراسته عند الانتهاء منه".
الودائع الكويتية
وشدد وزير المال اللبناني، على أنه "سيسري على الودائع الكويتية والخليجية والعربية والأجنبية، ما يسري على الودائع اللبنانية، بحيث أن هناك حرصاً لبنانياً على أن تصل الحقوق إلى أصحابها. وليس هناك تفرقة بين مودع لبناني وآخر عربي. ولكل المودعين الحق في استعادة ودائعهم، ونحن نعمل على ذلك. وهناك برنامج قيد الإعداد، يضمن إعادة الحقوق لأصحابها. وهذا ما هو موضع دراسة حالياً"، مؤكداً أنه "ليس هناك شطب ودائع، بل أن هناك حقاً للمودع سيأخذه. والسؤال المطروح، كيف ستتم جدولة الموضوع؟.
وقد تحدث حاكم مصرف لبنان من ضمن الأفكار المطروحة، أن يتم دفع مائة ألف دولار كدفعة أولى، تتم جدولتها على المدى القصير. وكذلك هناك دفعات على المديين المتوسط والبعيد، في إطار سندات مضمونة من موجودات المصرف المركزي". وقال، "نطمئن كل المودعين،ومن بينهم المودعون الكويتيون والخليجيون بحفظ حقوقهم. وأننا سندفع ودائعهم، ولكن على مدى زمني معين، حسب حجم الوديعة، باعتبار أنه ليس لدى مصرف لبنان القدرة على أن يدفع نقداً كل الودائع".
الاقتصاد السوري
واعتبر الوزير جابر، أن "تعافي الوضع في سورية، يفيد لبنان". وقال، إن "مصلحة لبنان، عندما تكون سورية مستقرة وآمنة ومزدهرة. وبالدرجة الأولى يشعر لبنان بالأمان عندما تكون جارته سورية آمنة. وهذا بالتأكيد سيترك انعكاساته الإيجابية على بلدنا"، متحدثاً عن تحسن مؤشرات الاستثمار في لبنان، ومشيداً بعودة بعض المستثمرين العرب إلى لبنان. وهذا برأيه موشر إيجابي يدفع للتفاؤل بمستقبل البلد. والفضل في ذلك حسب قوله، "يعود للبنانيين الذين يؤكدون في كل مناسبة تمسكهم ببلدهم، وحرصهم على الاستثمار فيه، ما يشجع الآخرين على القدوم إلى لبنان". ويؤكد، أن "الاغتراب هو شريان الحياة بالنسبة إلى لبنان منذ مئات السنين"، كاشفاً أن "متمولاً خليجياً كبيراً زار لبنان في الفترة الأخيرة، وعبر عن ارتياحه كثيراً لما شاهده، وما شعر به، ما دفعه إلى دعوة زملائه العرب للمجيء إلى لبنان، والاستثمار فيه، بسبب ما يتمتع به من مميزات تفاضلية".