في تقارير "الشال"، ومع كل تقدير لمن يضع عناوينها، ثمة بعضها مخيفة، وهناك، أيضا، الكثير من الملاحظات التي تطرح علامات استفهام كبيرة بالنسبة للوضع المالي للدولة، والاقتصاد الوطني، والاستثمار المحلي والأجنبي.
في المقابل تجد تصريحات المسؤولين مطمئنة، لكنها ليست وردية، وثمة عناوين كبيرة أيضا عن التطوير، وطموحات عدة.
في هذا الشأن يقع المواطن في التناقض، فهل التقارير الخارجية والمحلية صادقة، أم تصريحات المسؤولين؟
لا شك أن من لديه بعض الاتصالات ربما يستوعب الحقيقة، ويدرك خلفية التصريحات، بل يعرف الإيجابيات والسلبيات، وهو ربما يجعله في مد وجزر، بين الإقدام على مشروع ما، أو التمهل، لكن نبقى في الآخر بانتظار التصريحات الرسمية، عن الميزانية والمصروفات والإيرادات، والعجز المتوقع، وماذا عن الخطط المستقبلية.
هذا الوضع المتذبذب يجعل المرء في حيرة، خصوصاً بشأن مستقبل الاستثمار، الذي هو اليوم عصب الاقتصادات الناجحة والمنافسة، في ظل عدم يقين تاريخي حيال أسعار النفط الخاضعة للعرض والطلب، والاعتماد الكلي على هذه السلعة لا يبني اقتصاداً، بل يكون في مرحلة البدايات خميرة للبناء، لكن لا يعتمد عليه طوال الوقت.
ثمة عناصر كثيرة في الدولة تشكل أدوات للنشاط الاقتصادي، وغير مستغلة في الكويت، إما لتقاعس، وإما لعدم وجود رؤية، لهذا كانت هناك بعض الرؤى التي لم يكتب لها النجاح، إلا أن هذا لا يعفي من العمل بواقعية من أجل استنهاض الاقتصاد الوطني.
في السابق، كنا نعرف الحقيقة من خلال مناقشات البرلمان للميزانية، والحساب الختامي وغيرها، ومن نشر ملاحظات ديوان المحاسبة، ووسائل أخرى، التي تساعد على إدراك المرء حقيقة موقفه الاستثماري والمالي، وفي كل هذا تبدو الارقام واضحة للعيان، كذلك يجد المرء معلومات صحيحة موثقة، تشرح الجوانب الايجابية والسلبية.
صحيح أن ثمة ملاحظات عدة من بعض الناس على اداء البرلمان، سابقا، لكن كانت هناك مرآة تظهر الوجه الحقيقي للدولة، وهذه واحدة من التفاصيل الغائبة عن المشهد حاليا، فالعالم اليوم يرى الكثير مما لا تراه الدول الساعية إلى تعزيز اقتصادها، كي تبني الشركة أو الدولة، أي دولة، خطتها للعلاقة مع الدول الاخرى.
فمثلا اليوم هناك حديث عن رفع أسعار الكثير من الخدمات، رغم عدم تحسين مستوى معيشة المواطن، فيما ليست هناك شروحات للأسباب الدافعة إلى ذلك، وكيف للمواطن ان يحسن وضعه، وهل هناك رؤية لتغيير ذهنية الاعتماد المطلق على النفط؟
هذا السؤال يقودنا إلى سؤال يطرحه الكثير من المواطنين، وهو: متى يتمتع المواطن بثروة وطنه، ويكون مشاركاً في الوقت نفسه ببناء قاعدة اقتصادية متينة، دون تذبذب وضعه المعيشي؟
هذه ليست معادلة صعبة، لكن لا شك تحتاج إلى التفكير خارج الصندوق، فمنذ عشرات السنين لم يأت فارس اقتصادي يخرج البلاد من مأزق الاعتماد على النفط، وكأنه قدر لا مفر منه، لهذا ربما الناس تتساءل عما يرِد في تلك التقارير المحلية والأجنبية، وعن صدقيتها.