الأربعاء 01 أكتوبر 2025
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
اقتلوا المخدرات قبل أن تقتلنا
play icon
كل الآراء

اقتلوا المخدرات قبل أن تقتلنا

Time
السبت 27 سبتمبر 2025
حسن علي كرم

في أواخر خمسينات القرن الماضي حدثت جريمة قتل بشعة لم تشهد البلاد مثلها من قبل، ارتكبها مواطن خليجي من المقيمين في الكويت بتحريض من زوجة الضحية، التي كانت على علاقة محرمة مع القاتل. ويومها تعاونت زوجة الضحية مع القاتل بتقطيع جثمانه، ووضعها في أكياس وإلقائها في صناديق الزبالة، واوائل الستينات من القرن الماضي أيضاً اعتدى شاب معتوه على والدته المسنة فاغتالها. الجرائم في الكويت في تلك الايام كانت شبه معدومة، فأصحاب الدكاكين، على سبيل المثال، في سوق "بن دعيج" الشعبي كانوا يغطون سلعهم بقطعة قماش، ويذهبون إلى منازلهم لتناول الغداء والقيلولة، وفي المساء يعودون الى محالهم آمنين مطمئنين، هّذا المشهد كنا نجده أيضاً في بقية الاسواق، مثل الغربللي وسوق واجف.

لم تحدث في الكويت جرائم بشعة، او سرقات غير معهودة في بلد تندر فيه حالات الفقر والشحاذة، الا أن في السنين الاخيرة، لاسيما بعد الغزو العراقي والتحرير، وتبدل الثقافة المجتمعية ازدادت مظاهر الجرائم، قتل وسرقات اختطاف هتك اعراض، وهناك من يرجع ذلك إلى انتشار المخدرات وغير ذلك من السلوكيات المنحرفة.

لكن المتعاطين وتجار المخدرات هم في المقدمة بجرائم بالقتل او الضرب للاباء او الامهات، من مظاهر الجرائم التي باتت متكررة وشائعة، واخرها جريمة القتل الاخيرة التي راح ضحيتها احد الاباء على يد ابنه.

في الاونة الاخيرة نُشرت قائمة بترتيب الدول التي تقل بها الجرائم، فكان ترتيب الكويت من الدول الاقل في الجرائم، لكن هل نقول لسنا مجتمعا ملائكيا، ونزعم "ماكو شيء"، والديرة زي الفل في امن وامان؟

ارجو ان يكشف رجال الشرطة ما ينشر وما لا ينشر عن اسباب واعداد الجرائم، فنحن كمواطنين بعيدون عن اسباب الجرائم ومرتكبيها، لكن هناك جرائم بشعة شهدتها البلاد.

لم تعد الجريمة قاصرة على الرجال، فالنساء اقتحمن الميدان واخذن دور البطولة، وهن والدات ومواطنات، فلماذا نغمض عيوننا عن رؤية الحقيقة، فعندما تقتل امرأة زوجها بمطرقة، او تلك الأم التي شاركت مع عشيقها قتل طفلها المعوق، أو تلك التي اضرمت النيران في خيمة عرس، فهذا لا يعني أن تلك الجرائم عادية.

نعم، هناك شباب يتعاطون مخدرات وهناك من يروّجون ويتاجرون بالمخدرات والخمور، المصنعة محلياً او مهربة، وهناك نصابون وآكلو سحت.

هل نخدع أنفسنا ونقول دولة الأمن والامان، صحيح لم يصل حجم الجرائم كما في بلدان مشهورة بالجرائم، لكن علينا ان نعترف ونبحث عن الحل، ولا أن تدفن رؤوسنا في الرمال.

المخدرات غدت مادة الجريمة الرئيسية، لكن السؤال: فاذا كانت هناك ملاحقة دؤوبة من الشرطة في البر والبحر وعلى منافذ الحدود والمطارات، فكيف تنتشر المخدرات في البلاد، حتى أن البعض يزعم وصول المخدرات الى المدارس؟

عندما صدر قرار منع الخمور، قال الحكماء منع الخمور يشجع على نشر وتعاطي المخدرات، فقال لهم المعارضون انتم كذابون لأنكم تعاقرون الخمر.

الخمر الذي كان يباع القنينة سعر التراب، والكرتون بسعر صندوق "البارد"، وبترخيص حكومي يباع حاليا بمئة، وفي المقابل زاد رواد المخدرات تعاطياً وبيعاً وترويحاً، فهل كسبنا السلامة أم جلبنا الجرائم والمحرمات ودمار المجتمع؟

حتى لا نغالي ونهيل التراب على رؤوسنا، مجتمعنا رغم ذلك لم يصل الى حد الخطر ولا يزال هناك عيب وحرام وحلال، وهناك فرصة للاصلاح، لكن لا ينبغي ان نغمض العين، ونقول "ماكو شي".

صحافي كويتي

[email protected]

آخر الأخبار