(AP Photo/Angelina Katsanis)
"سناب باك" للنفاذ اليوم... وطهران تستدعي سفراءها لدى "الترويكا"... وبزشكيان: رفضنا تسليم اليورانيوم المخصّب
طهران، عواصم - وكالات: فيما كشف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده فضلت سيف العقوبات الأممية التي دخلت حيز التنفيذ مع الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد على تسليم مخزونها من اليورانيوم المخصب، استدعت طهران سفراءها لدى دول الترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا أمس، للتشاور بعد رفض مجلس الأمن الدولي مشروع قرار روسي - صيني لتمديد رفع العقوبات عن طهران، وذكرت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن استدعاء السفراء جاء عقب الخطوة التي اتخذتها الترويكا الأوروبية ازاء آلية تسوية الخلافات المنصوص عليها في الاتفاق النووي "سناب باك، حيث رفض مجلس الأمن الدولي ليل أول من أمس، مشروع قرار تقدمت به روسيا والصين لتمديد رفع العقوبات عن إيران ستة أشهر ضمن الاتفاق النووي، وصوّت لصالح المشروع الروسي - الصيني أربع دول فقط، بينما عارضه تسعة دول وامتنع عضوان عن التصويت، ما يعني إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران للمرة الأولى منذ العام 2015، ومع إخفاق مشروع القرار الروسي - الصيني، عادت جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران مع الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، وتشمل إعادة فرض حظر الأسلحة ومنع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته وحظر التعاون في مجال الصواريخ الباليستية، إضافة إلى تجميد عالمي للأصول وقيود على السفر إلى جانب قيود واسعة على قطاع الطاقة الإيراني.
وخلال جلسة مجلس الأمن، حذر نائب مندوب روسيا في مجلس الأمن من أن إعادة فرض العقوبات قد تفضي إلى عواقب وخيمة وتؤدي إلى تصعيد في منطقة الشرق الأوسط، متهماً القوى الغربية بممارسة الضغوط على إيران استناداً لما وصفها بالأكاذيب، فيما قال مندوب الصين إن إيران أرسلت إشارات إيجابية كثيرة، لافتاً إلى أن تأجيل العقوبات كان سيُبقي الباب مفتوحاً أمام المسار الديبلوماسي، وفي المقابل شنت دول الترويكا الأوروبية انتقادات لاذعاً لطهران، حيث أكد مندوب فرنسا أن القوى الأوروبية كثفت جهودها للتوصل إلى حل لكن طهران لم تقدم أي مبادرات، وأعربت المندوبة البريطانية عن قلق بلادها من مراكمة إيران لمخزون من اليورانيوم عالي التخصيب دون مبرر مدني حقيقي، مؤكدة التزام لندن بالسعي إلى حل يمنع حصول إيران على سلاح نووي.
في المقابل، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن قرار إعادة فرض العقوبات "باطل قانونياً ومتهور"، معتبرا محاولات ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لإعادة تفعيل العقوبات التي سبق إنهاؤها باطلة ولاغية، مشددا على أن بلاده لن تستجيب أبداً للتهديدات أو الضغوط، كما شدد على ضرورة رفض أي محاولة لإعادة فرض العقوبات، معتبرا الخطوة سابقة خطيرة من شأنها زعزعة الثقة في النظام الدولي بأسره، مشددا على أن الولايات المتحدة خانت الديبلوماسية، لكن الدول الأوروبية الثلاث هي التي دفنتها، مؤكدا أن بلاده ترفض أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية لأنها تتعارض مع التعاليم الإسلامية ومع عقيدتها الدفاعية، متهما الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث بعرقلة الديبلوماسية، قائلا إن بلاده اتخذت خطوة بناءة ووقعت مذكرة تفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية رغم الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية واغتيال العلماء.
من جانبه، كشف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قبل مغادرته نيويورك أن بلاده توصّلت إلى نتيجة مع الأوروبيين لكن الموقف الأميركي كان مختلفاً، واصفا الطلبات الأميركية بـ"غير المقبولة"، قائلا "طلبوا أن نسلّمهم كل اليورانيوم المخصب مقابل تأخير استئناف العقوبات لمدة ثلاثة أشهر.. هذا أمر سخيف"، مؤكدا أنه إذا كان على بلاده أن "تختار بين هذه المطالب غير المنطقية وآلية سناب باك، فستختار الأخيرة"، معلنا أن بلاده لا تعتزم الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي حتى في حال إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة عليها، قائلا إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تظهر جدية في المحادثات النووية بما في ذلك المحادثات التي سبقت هجوم الاحتلال الإسرائيلي على بلاده، وبدوره، كشف أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أن الولايات المتحدة أصرت على التفاوض بشأن برنامج الصواريخ الإيرانية، مؤكدا رفض بلاده التخلي عن وسيلة دفاعها، قائلا "يصرون على ضرورة التحدث بشأن البرنامج الصاروخي وطالبوا بخفض مديات صواريخنا إلى نحو 300 و500 كيلومتر"، مضيفا أن طهران قطعا تقف بوجه هذه المطالب، متسائلا "كيف يمكن لشعب عظيم أن يقبل التخلي عن وسائل دفاعه، لافتا إلى أن الجانب الأوروبي اقترح إجراء محادثات مع الولايات المتحدة ووافقت طهران في إطار مجموعة "5+1".
القطاعات التي ستستهدفها العقوبات التي سيُعاد فرضها على إيران
طهران، عواصم - وكالات: من المنتظر أن تطال العقوبات المرتقبة الشركات والمنظمات والأفراد الذين يساهمون بشكل مباشر أو غير مباشر في البرنامج النووي الإيراني أو تطوير الصواريخ الباليستية، بما يشمل توفير المعدات أو الخبرات أو التمويل اللازم، والتي تُعد جميعها أسباباً كافية لفرض العقوبات، كذلك ستتضمن العقوبات حظراً على الأسلحة التقليدية، مع منع بيع أو نقل أي أسلحة إلى إيران، كما سيتم حظر استيراد أو تصدير أو نقل الأجزاء والتقنيات المتعلقة بالبرنامج النووي أو الصاروخي، فضلاً عن تجميد أصول الكيانات والأفراد المرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني في الخارج، وقد يُمنع الأفراد المتورطون في أنشطة نووية محظورة من السفر إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
كما سيتعين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقييد الوصول إلى المرافق المصرفية والمالية التي قد تساعد في البرامج النووية أو الصاروخية الإيرانية، وقد يتعرض أي شخص ينتهك نظام العقوبات لتجميد أصوله في جميع أنحاء العالم، كما قد يُعاد فرض تدابير منفصلة من قبل الاتحاد الأوروبي إلى جانب العقوبات العالمية الأساسية، علماً أن عملية العودة التلقائية لعقوبات الأمم المتحدة تتطلب لتنفيذها عملياً من قبل الدول الأعضاء، أن تحدث تلك الدول قوانينها لتتماشى معها، وبالتالي سيكون على الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إصدار تشريعات لتنفيذ العقوبات، لكن لم يتم تقديم تفاصيل حول هذه العملية حتى الآن.
وفي السياق، قال الباحث المشارك في المعهد الدولي للدراسات الإيرانية المرتبط بجامعة السوربون كليمان ثيرم إن هناك تكلفة لتجاوز العقوبات، تكلفة سياسية، ولكن أيضاً تكلفة مالية واقتصادية، لأن المعاملات المالية تصبح أكثر تكلفة، مشيرا إلى أن شركات الشحن أوضح مثال على الأعمال التي ستتعرض وتشعر بالضغط، مؤكدا أن عودة العقوبات لن تفرض حصاراً كاملاً على إيران، لكنها بالتأكيد ستفرض ارتفاعًا في تكاليف الشحن والاستيراد والتوريد.