ما قاله وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري عن تحويل الكويت إلى بلد سياحي، ممكن، لكن ذلك يتطلب الكثير من الخطوات المساعدة، أهمها أن تكون هناك رؤية واقعية لتعزيز دور القطاع الخاص، كي يسهم في هذه الصناعة التي أصبحت في بعض دول الخليج مدرة للدخل الذي كان يعتمد في مجمله على النفط.
في هذا المجال، ثمة خطوات ناجحة سارت بها الدولة، ومنها فتح التأشيرات، لكنها ليست كافية، خصوصاً أن هناك قرارات لا تساعد على الترويج السياحي، ومنها أن الدولة منحت قسائم زراعية وحرفية وصناعية، لكنها في الأسابيع الماضية عملت على تقييدها.
ولنأخذ مثالاً على ذلك، القسائم الزراعية التي تعاني من شح في المياه، حتى المعالجة منها، لا تتوافر دائماً، ما يدفع بالمزارعين إلى الاستعانة بالصهاريج المكلفة، فيما ترفض المؤسسات المعنية إفساح المجال لأصحاب هذه القسائم كي يعملوا على تعزيز دخلهم من خلال اقتطاع مساحات صغيرة للسياحة الزراعية، التي جعلت منها إمارة أبوظبي سوقاً موازية لتنشيط المزارع، بل أصبحت المزارع الإماراتية داعمة للنشاط السياحي، وكذلك فعلت كل دول الخليج، ويتمتع به المواطن والمقيم.
لا شك أن المقومات الدافعة للسياحة غير موجودة، ونحتاج إلى الكثير لخلق بيئة لهذا القطاع، أهمها العمل على الأخذ بيد أصحاب الأفكار المبدعة، وتشجيعهم، وإلغاء القرارات المعيقة لهم، لأن الهدف تعزيز تنويع الدخل الوطني، ورفع الناتج المحلي، وأن تتأنى في التدخل بأرزاق الناس.
لهذا، عندما يطالب بعض أصحاب المزارع بالإفساح لهم لبناء شاليهات أو خيم في مساحة محدودة كي يرفعوا دخلهم من أجل خدمة مزارعهم وتطويرها، فإن ذلك يتطلب من المسؤولين تسهيل الإجراءات، خصوصاً أن الزراعات مكلفة في بلد طبيعته قاسية وتتطلب الكثير من المال للإنفاق على المزروعات، وعلى التوسع في الاستخدام.
لهذا، حين تفسح الحكومة لأصحاب المزارع ببعض الأنشطة السياحية، لتواكب غيرها المحتاجة إليها البلاد، كي تخفض ما ينفق على السياحة في الخارج التي لا تزال الكويت تحتل أعلى المعدلات فيها، لأنه ببساطة ليس فيها ما يشجع على الإنفاق في الداخل، فإنها بتشجيع هذه المرافق تنتج نشاطاً أسبوعياً بحاجة إليه تلك المناطق في شمال الكويت وجنوبها.
من جهة أخرى، مهما كان الإنتاج الزراعي، من خضار وبقوليات وغيرها، فإنه لن يساعد على تحقيق الدخل المتوخى، ولحل هذه المشكلة نأخذ السعودية مثالاً، فهي عملت على الحل من خلال تنشيط السياحة الزراعية، وفتح المزارع للسياح، وجعلها وجهة سفر يقصدها الجميع بهدف المتعة والترفيه والتعليم، وشراء المنتجات المحلية، للمساهمة في زيادة الاستثمارات الزراعية، بل شيدت مقاهي، ومعارض ومطاعم، أليس الغاية تخضير الأرض، وتنشيط شمال البلاد وجنوبها؟
السياحة البرية في الكويت ستة أشهر، وإذا أفسح في المجال لنشاطات كهذه فإن ذلك يساعد على تحقيق مداخيل أفضل، وهذا ينطبق على القسائم الصناعية والحرفية والخدماتية، التي يئن اليوم أصحابها من العراقيل غير العقلانية التي أصدرتها المؤسسات الرسمية.
من هنا، إذا كانت الحجة التنظيم، فهذا أمر يسير، يمكن الاكتفاء بتحصيل الضرائب والرسوم، وفي المقابل تسهيل الإجراءات، فالناس اليوم تعيش في أزمة بسبب تلك القرارات، ولن يجعل ذلك الكويت بلداً سياحياً، أو منافساً صناعياً وخدماتياً وسياحياً، بهذه القرارات المعيقة.
المطلوب من الحكومة أن تكون عوناً لأصحاب القسائم الصناعية والزراعية والخدماتية، الذين أنفقوا أموالهم عليها حتى بدأت تزدهر تجارتهم، فيما أتى مجلس الوزراء وتحدث عن إعاقات، وهذا ما زاد من خسارتهم بدلاً من تشجيعهم والوقوف إلى جانبهم، وعلى وزراء المالية والتجارة والإعلام أن يدلوا بدلوهم في هذا المجال الذي هو صلب اختصاصهم.
علينا أن نشكر هؤلاء لأنهم يطورون مشاريعهم المبنية على قوانين مقنعة، وإذا كان هناك شعور لدى الحكومة أنها مغبونة، فإزالة الغبن ليس بهذه الطريقة.
أحمد الجارالله