نسمع كثيرا، ونشاهد من يدعون العلم والمعرفة، والقدرة على فهم الأمور اكثر مما يفهمها غيرهم من علماء الامة القدماء، والمتأخرين، هؤلاء الادعياء لا هم لها إلا التشكيك في علوم الاولين والاخرين؛ مقتدين بالشيطان الرجيم علموا بذلك او لم يعلموا. هؤلاء نجد التعالي والتعالم بين سطور كلامهم بشكل او اخر، ونجد سعيهم المضطرد بقصد تصغير وتحقير من يتبع كبار العلماء، ومن تعلم على ايديهم ومدارسهم كالائمة الاربعة، والامام ابن تيمية وامثالهم من جهابذة الامة، رحمهم الله تعالى.
هؤلاء يدخلون على العقول من زوايا صعبة؛ وذلك بفنية فتنيّة دقيقة جداً بقصد الصيد.
تجد، مثلا، يتحدث هذا الشيخ الملتحي او ذاك خاصة ممن يدعون التصوف، وله بعض الآراء الفلسفية، ويسترسل فلسفيا ومنطقيا، كما يزعم، اقول قبل ان تتحدثوا حول ما وصف الله تعالى به نفسه، وتحدث عن ذاته اسألوا انفسكم اولا: لماذا غفر الله تعالى لآدم يوم الزلة؛ ولم يغفر للشيطان الرجيم الذي تقتدون به بشكل او اخر، بل بعد أن غفر لآدم حذر ذريته رحمة بهم ان لا يخرجهم الشيطان من موطنهم الأصلي وهو "الجنة".
نعم، لأن آدم ادرك الخطأ واعترف؛ وهكذا جاءت الآية الكريمة "قالا ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين"، ظاهر الآية الاعتراف بالخطأ والرجوع إلى الله تعالى والندم ظاهر في قولهما.
وبعد الهبوط نصح الله ذرية آدم رحمة بهم وتذكيرهم بعدم الاقتداء واتباع إبليس المتعالي بقوله: "يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما".
اما الشيطان الرجيم كفّره الله تعالى وطرده مباشرة، لانه بين طيات كلامه مضامين كبيرة وخطيرة، وكأنه ند لله تعالى، واستعلى وتكبر. هذا الفهم الضمني الباطني جعل ابليس في خانة الكفر مباشرة "أبى واستكبر وكان من الكافرين"، فطرده الله تعالى قائلا: "فاخرج منها فانك رجيم". مضامين ادعاء ابليس اخطر من ظاهرها، وانه جعل نفسه نداً للخالق من حيث فهم الامور والمواقف، وهذا المنهج المنحرف اليوم يتبناه البعض بحدود عقولهم المخلوقة. أقول لهؤلاء: انت كانسان مخلوق لا تقبل بأن اجد لك ندا في شكلك وصفاتك في من هو اقل منك من المخلوقين؛ فأقول لك مثلا: لك يد كما القرد مثلا! لك يد ولهم ايد لكنك تختلف عنهم، وانت المخلوق كما هم كذلك، فكيف تجرؤ ايها المتفلسف وتضع استيعابك العقلي المخلوق لتحدد صفات الخالق، وما وصف به نفسه، وهو يقول ليس كمثله شيء؟
اعلموا أقداركم أمام الخالق، ولا يكون الشيطان قدوتكم، وأنتم لا تعلمون، والبعض مع الأسف يعلم ويتنطع فلسفة وكِبْرا ليبهر الأجيال داخلا عليهم من خلال زواياهم العمياء، ويدخل عليهم من هذه الزاوية المظلمة بقصد الهلاك والتذبذب والانحراف، فكرا وعقيدة.. نسأل الله السلامة والعفو والعافية.
اعلامي كويتي