مختصر مفيد
في سنة 1988 شاهدت في البرازيل جهازاً للتلفزيون يُباع في أحد المحال بمبلغ 10 آلاف كروزادو، أي نحو 120 ديناراً كويتيا، وعدت الى هذا المحل بعد أسبوع، فرأيت الجهاز يُباع بسعر أعلى، إذ بلغ 13 ألف كروزادو.
ثم ان المواد الغذائية في السوق المركزي البرازيلي كانت تنفد سريعاً بحلول المساء، الكل يشتريها، لماذا؟ لأن في الغد له سعر آخر، لذلك عليك أن تشتري الآن، أو كما نقول: اِلحق أو ما تلحق، انهض فوراً، وتعجل، واذهب إلى الجمعية لكي تشتري بدل الدجاجة الواحدة سبع دجاجات بالسعر المعلن اليوم قبل رفعه غداً. وبدل ان تشتري قطعة خبز واحدة، ستأخذ رزمة خبز، لذلك رأينا البرازيلي يقود عربتيّ تسوق في السوق المركزي بدلاً من عربة واحدة، وكأن لسان حاله يقول: ياليتني اشتريت جهاز التلفزيون قبل أسبوع!
وهكذا أخذت تكاليف المعيشة تزداد أمامه، وساءت أوضاعه، لأن حكومته لم تعرف كيف تضبط أسعار السلع.
وبالأمس انهار سعر صرف العملة الإيرانية مقابل الدولار الأميركي، وساءت أحوال الإيرانيين، وكانت زمبابوي قد تضررت بشدة من التضخم الهائل، ففيها دمر الرئيس روبرت موغابي اقتصاد بلاده، وأساء الى معيشة الشعب، فأُطيح في انقلاب عسكري عام 2017.
وبمرور الوقت تدهور الاقتصاد المحلي، ولتوضيح هذه الصورة بأسلوب اقتصادي مبسط، نتخيل ان المواطن في زمبابوي يتهيأ للخروج من منزله، وفي ذهنه ان سعر السلعة ثلاثة دنانير، وما ان يستقل سيارته حتى يكون سعرها قد ارتفع الى ثلاثة دنانير ونيف، وما إن يقف بسيارته في السوق حتى يرى سعرها قد بلغ ثلاثة دنانير وربع.
هذا هو ما يُسمى"التضخم المُفرط "، فالسعر كان ثلاثة دنانير، لكنه يزداد في ساعات النهار، فالأسعار ترتفع في اليوم مرات عدة، أي ترتفع ونحن نتحدث أنا وأنت الآن، فأصبح رغيف الخبز الواحد يكلف 100 ألف دولار زمبابوي ( أي 230 فلسا كويتيا) ثم بلغ 100 تريليون دولار زمبابوي، لأن هذه العملة لاقيمة لها، فالتضخم الهائل فيها جعل الشحاذ يرفض قبول بليون دولار زمبابوي، وتدمير الاقتصاد بهذه الصورة جعل الخريجين باعة بالشوارع، وهذا شيء مخيف ولا شك.
يُعزى السبب في هذا أن الناس تطلب الدولار كطريقة للحفاظ على مدخراتها، فهو مثل الذهب كمخزن للقيمة، ولما لا يجد البائع الدولار يرفع سعر سلعته بالعملة المحلية، كأنه يريد التعويض لا الخسارة، فارتفعت الأسعار بشكل هائل، وأخذ الناس يعانون من صعوبة المعيشة، والفساد الحكومي، والصراع السياسي، وارتفاع معدل البطالة.
بالأمس انهار سعر صرف الريال الإيراني مقابل الدولار، وارتفعت الأسعار، وسط قلق الإيرانيين الذين زاد طلبهم على الدولار، يشترونه كطريقة ما للحفاظ على مدخراتهم، في حال تراجع سعر الريال.
ومن بين أسباب تدهور سعر العملة الإيرانية العقوبات الاقتصادية الغربية الجديدة ضد طهران لأنها مستمرة في بناء صناعة نووية، فساءت أحوال الناس.
كثير من الشعوب تعاني من ضرائب، وإحداها تعاني بشكل غريب، فقد منع رئيس كوريا الشمالية شعبه من الضحك مدة 11 يوما، اعتبارا من 17 ديسمبر 2021 في الذكرى العاشرة لوفاة أبيه، يعني لا تضحك، وإلا هناك عقوبة قصوى ضدك، بل ربما تلقى فيها حتفك.
وفي بداية عام 2025 منع هذا الرئيس بيع النقانق والـ"همبورغر" والـ"آيس كريم" لأن هذه الأطعمة رمز للثقافة الغربية.أنا لا أمزح، عندي ملف كامل عن البلد، فقد أعدم هذا الرئيس وزير الدفاع لأنه أخذ غفوة في اجتماع، أي لما نعس هذا الوزير، انتقل فيما بعد، الى دار الآخرة.
[email protected]