وجهة نظر
التحكيم الدولي هو بداية للاستعمار المقنع، فهو وسيلة لحل النزاعات، خصوصا التجارية والمدنية، وأهم قواعده تأتي من المؤسسات، مثل المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، وهي تابعة للبنك الدولي، او محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية، او قواعد "الأنسيترال".
وهذا يبين لنا أن أغلب الدول العظمى تستطيع فرض شروطها في التحكيم، بدلاً من القضاء المحلي، وانحيازها إلى أن يكون المحكمون من دول أوروبا واميركا وغيرها من الدول العظمى.
وهذا الأمر يخلق انطباعاً أن هذا القانون مدفوع الأجر لصالح هذه القوى الكبرى، التي غزت العالم، وبذلك تستطيع الضغط على الدول لدفع بعض التعويضات الضخمة للمستثمرين الاجانب.. نستخلص من هذا أن التحكيم الدولي ليس مجرد أداة قانونية محايدة، بل هو جزء من لعبة النفوذ الاقتصادية والسياسية الحديثة، التي تستطيع من خلالها هذه الدول التحكم في مصير الدول الاستثمارية، خاصة الدول النفطية التي غالباً ما توقع عقوداً غير متوازنة، أو لا تصيغ اتفاقيات حماية الاستثمار بشكل يحفظ مصالحها، ما يؤدي إلى خسائر قانونية لاحقة.
لذا يمكن القول بعبارة اخرى أن مراكز التحكيم، رغم ظهور صبغتها الظاهرة كجهة استعمارية مبطنة بتوجهات استثمارية، ولكن بشكل جازم يمكن القول إنها استعمار قانوني، وذلك بالاستغلال للدول الضعيفة، بشكل غير متوازن لصالح الشركات الكبرى، إن لم تكن الدول مستعدة قانونياً ومؤسسياً.
كما يمكن القول إن ضعف وضع الدول البترولية والنامية لا يعود بالضرورة إلى المركز، بل إلى ضعف الممثلين المفاوضين للدول في تنظيم العقد وحماية مصالحها الاستثمارية.
منة عبدالله البلوشي
كلية الدراسات التجارية، تخصص قانون