في اكتشاف علمي بارز، كشف فريق دولي من العلماء أن حلقات الحمض النووي المنحرفة الطافية خارج الكروموسومات - والمعروفة باسم (ecDNA) - قد تكون الشرارة المبكرة التي تدفع نمو الأورام النجمية الدبقية (Glioblastoma)، وهو أكثر أنواع سرطان الدماغ شيوعاً وفتكاً لدى البالغين.
الدراسة التي نُشرت مؤخراً في مجلةCancer Discovery ، تشير إلى أن هذه الحلقات قد تظهر في المراحل الأولى من المرض، بل وأحياناً قبل تكوّن الورم، مما يفسّر سر عدوانيته ومقاومته للعلاج.
لاعب أساسي منذ البداية
قاد البحث الدكتور بنجامين ويرنر من جامعة كوين ماري في لندن، والبروفيسور بول ميشيل من جامعة ستانفورد، ضمن فريق eDyNAmiC لمبادرة "تحديات السرطان الكبرى".
وأظهر التحليل أن معظم حلقات ecDNA تحمل جين EGFR المسرطن، والذي ظهر مبكرًا في تطور الأورام. كما أن بعض هذه الحلقات اكتسبت متغيرات إضافية مثل EGFRvIII، جعلت السرطان أكثر شراسة.
ويرنر شبّه الدراسة بالتنقيب الأثري قائلاً: "فحصنا الأورام من مواقع متعددة لبناء صورة أوضح عن نشأة الحلقات وانتشارها، واتضح أنها محرك مبكر للمرض لا يمكن تجاهله."
فرصة للكشف المبكر
ويرى الباحث ماغنوس هوغي أن هذا الاكتشاف قد يفتح نافذة للتشخيص المبكر، مضيفًا: "إذا تمكنا من تطوير اختبار دموي يرصد EGFR ecDNA قبل ظهور الطفرات العدوانية، فقد يصبح التدخل أكثر فاعلية."
ويؤكد العلماء أن هذه النتائج قد تغيّر قواعد اللعبة، إذ يمكن أن تمهّد لفحوص دورية تتيح رصد المرض قبل استفحاله.
تحديات قائمة
مع ذلك، تبقى الكثير من الأسئلة دون إجابة، مثل كيفية تأثير العلاجات الحالية على ecDNA. وتشير تشارلي سوانتون من معهد فرانسيس كريك إلى أن: "ecDNA ليس مجرد ظاهرة جانبية، بل محرك قوي للورم، وفهم ظهوره المبكر قد يمنحنا فرصة للتدخل قبل أن يصبح المرض مميتًا."
أمل جديد في معركة صعبة
يُعد الورم النجمي الدبقي من أكثر السرطانات مقاومة، إذ لا يتجاوز متوسط البقاء بعد التشخيص 14 شهراً. لكن الباحثين يرون أن استهداف ecDNA قد يشكّل نقطة تحوّل، سواء عبر التشخيص المبكر أو تطوير علاجات أكثر تخصيصًا.
وقال الدكتور ديفيد سكوت، مدير مبادرة تحديات السرطان الكبرى: "هذه النتائج مثال على قوة التعاون الدولي متعدد التخصصات. فهمنا لدور ecDNA قد يفتح مسارات جديدة للكشف المبكر والعلاج."
نحو مستقبل مختلف
إذا أمكن تحويل هذه النتائج إلى أدوات عملية للكشف المبكر، فقد يغيّر ذلك مستقبل التعامل مع أكثر سرطانات الدماغ عدوانية. ومع أن الطريق طويل، فإن الدراسة تمنح بارقة أمل في معركة طالما بدت خاسرة.