

تراجع قضايا الأحداث 22% في 2025… هل يعكس تحسن السلوك؟
جابر الحمود
كشفت إحصائية رسمية صادرة عن النيابة العامة للأحداث عن تراجع ملحوظ في أعداد القضايا المسجلة ضد الأحداث خلال النصف الأول من العام الجاري 2025، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024، ما يعكس تحسنًا نسبيًا في مستوى الرقابة والتوعية المجتمعية.
ووفقًا للإحصائية التي حصلت عليها "السياسة"، تلقت نيابة الأحداث 932 قضية خلال الأشهر الستة الأولى من 2025، مقابل 1194 قضية في الفترة نفسها من 2024، أي بانخفاض يقارب 22 في المئة.
وبيّنت الإحصائية أن العام الحالي شهد النظر في 875 قضية، أُحيلت 710 منها إلى المحاكم المختصة، فيما حُفظت 143 قضية، ولا تزال 22 قضية قيد التصرف.
أما العام الماضي، فقد بلغ عدد القضايا المنظورة 1216 قضية، أُحيلت 1005 منها إلى المحكمة، وحُفظت 202 قضية، وبقيت 9 قضايا قيد التصرف.
في الموازاة، يرى قانونيون أن هذا الانخفاض لا يعكس بالضرورة تحسنًا في السلوك، ما يستدعي تعزيز الرقابة الأسرية، وتكثيف التوعية القانونية، وتفعيل آليات إعادة التأهيل بدلاً من الاقتصار على العقاب.

بندر: التراجع الكمي لا يعني بالضرورة تحسن السلوك
وعلق المحامي جاسم بندر على هذه الأرقام قائلاً: إن تراجع عدد القضايا لا يعني بالضرورة تحسن السلوك العام لدى الأحداث، بل قد يعكس تحوّلًا في أنماط السلوك الإجرامي وانتقال بعض المخالفات إلى الفضاء الإلكتروني.
وأوضح بندر أن "الكثير من القضايا المسجلة ضد الأحداث اليوم تتعلق بالاعتداء الإلكتروني، والتنمر عبر الإنترنت، وحيازة المواد المحظورة، والسرقات البسيطة"، مشيرًا إلى أن هذه الجرائم غالبًا ما تنشأ نتيجة غياب الرقابة الأبوية وضعف التوجيه التربوي.
وأكد أن قانون الأحداث رقم (111) لسنة 2015 يقوم على فلسفة إصلاحية تهدف إلى إعادة تأهيل الحدث لا معاقبته، مشددًا على أن الدولة تولي اهتمامًا خاصًا بإنشاء مؤسسات متخصصة للعلاج السلوكي والرعاية الاجتماعية، لحماية هذه الفئة من الانحراف والتكرار.

الشطي: التوعية الأسرية والمدرسية خط الدفاع الأول
من جانبها، أكدت المحامية فاطمة الشطي أن المسؤولية الكبرى تقع على الأسرة والمدرسة والمجتمع، داعية أولياء الأمور إلى متابعة سلوك أبنائهم في الواقع وعبر الإنترنت، خصوصًا مع انتشار التطبيقات التي قد تُستغل في جرائم إلكترونية.
وشددت الشطي على أهمية إطلاق برامج توعوية في المدارس والمراكز الشبابية لتثقيف المراهقين حول العواقب القانونية لأفعالهم، لافتة إلى أن "الوعي بالقانون يقي من الجريمة أكثر مما تردعها العقوبة".

الحداد: الإصلاح يبدأ من البيت
بدورها، رأت إسراء الحداد أن انخفاض قضايا الأحداث في 2025 مؤشر إيجابي يستحق البناء عليه، لكنه لا يُغني عن تعزيز الجهود الأسرية والتربوية، وتكثيف حملات التوعية القانونية في المدارس ووسائل الإعلام.
وقالت الحداد إن "كل حدث يُعاد تأهيله هو استثمار في أمن المجتمع ومستقبل الوطن، وكل انحراف صغير يُهمل اليوم قد يتحول إلى قضية كبيرة غدًا".