يخجل المرء اذا تحدثنا عن دولة تعادل مساحة الكويت العاصمة، لكن اقتصادها يوازي عشر مرات اقتصاد الكويت، وعدد سكانها يعادل مرة ونصف المرة سكان الكويت مواطنين ووافدين.
هذه الدولة، واعني سنغافورة الصغيرة، ليست الا نموذج من الدول الناجحة بشهادة خبراء واقتصاديين وزوارها، ليس في الاقتصاد، بل في ادارة شؤون الدولة التي تحكمها سيدة مسلمة متحجبة من اصول يمنية جنوبية، وتحديداً من حضرموت، ملتزمة تبدأ يومها فجرا بصلاة الفجر، وليست وحدها تنفرد بقرارات النجاح، وخطط النجاح.
مساحة سنغافورة ثلث مساحة دولة الكويت وربما اقل، والمساحة هنا ليست كل القضية، فدول اخرى اقل مساحة من سنغافور، لكنها اغنى، وشعبها لا يعاني الفقر او البطالة.
اقول لك من اين يبدأ النجاح؟ تقول لي من ادارة حكومية ناجحة، سنغافورة تعليم ناجح، ومستشفيات تستقبل مرضى من الخارج، مصانع ناجحة وميناء عالمي.
نحن هنا لا نزال عاجزون بعد نحو عشرين عاما من وضع مخططات ميناء مبارك كي نجعله بوابتنا إلى العالم، لا نزال نأمل من الصين العظمى ان تحمل عنا عبء عمل يفوق قدراتنا، ترى كم صرفنا من اموال دنانير ودولارات على مشروع هو لا يزال يتأرجح بين نجاح او فشل، وبين خلافات سياسية وحدودية؟
لا يهم فالخلاف تجد له حل، لكن الاهم لنرى من نحن وما نجاحاتنا؟
عندما نتحدث عن سنغافورا، فنسبة العاطلين فيها اثنان في المئة، والكويت نسبة العاطلين بالنسبة للمواطنين الفعليين ونسبة العاطلين المقنعة ربما تقترب من 150 الف مواطن، وليس وافدون، بينما حاجة الادارة الحكومية الفعلية لا تزيد عن بضعة الاف من الموظفين الفعليين والمخلصين في عملهم، الا أن الحقيقة هناك ثلاثة ارباع الموظفين مجرد اعباء مالية على ميزانية الدولة، وهذا بمثابة تغطية لفشل، وعجز الادارة لتوجيه المواطنين إلى مواقع العمل الفعلية. سنغافور شعب مهجن، قريب الشبه من الكويت، خليط من شعوب مختلفة، مسلمون وديانات اخرى، لكنهم يعملون بلا حساسية، او عنصرية، لذا وجدناهم ناجحون، كل ذلك لا يدل على أن الناس هناك غائبون عن الدين، لكنهم غائبون عن العنصرية، وعن المناكفة وتكفير الاخر.
سنغافور كانت جزءاً من ماليزيا، الا انها انفصلت واستقلت لتكون دولة نموذجية ناجحة، ربما تعلمت الدولة الام (ماليزيا)، ومن نجاحها.
نحن لا نقل عن سنغافور نجاحاً، اذا تخلينا عن الترفع، وأن كلنا نعمل لوطن يضمنا، ونجاح العامل الاجير لا يقل عن نجاح المدير والوزير، بل حتى عامل النظافة، فكل ينجح في مجاله، ونجاح الدولة يقتضي اندماج او انصهار الشعب في بوتقة الامة الواحدة ووطن واحد.
حاليا هناك بعض تبدلات التي نشعر بها، وهو مكان للتفاؤل والامل لبناء كويت تقوم على النجاح،فهو لا يأتي برجليه الينا، انما يحتاج منا إلى أن نتحرك نحن بهمة رجل واحدة، وأن الكويت ليست مائدة طعام شهية نشبع، ونقوم عنها، انما وطننا، وعلينا ان نتجرد من كل النوازع الشيطانية.
صحافي كويتي