حوارات
الانسان العاقل، لا سيما الناضج نفسياً والرّزين، والكامل عقلياً، لا يجالس من يدرك أنّ مجالستهم تضرّه أكثر مما تنفعه، لكن يجالس من يستفيد منهم، ونذكر منهم ما يلي:
-المتفرِّغون البطّالون: يصبح المرء شخصاً متفرّغاً وبطّالاً عندما يقضي معظم وقته في نشاطات تافهة، لا فائدة من ورائها.
ويصبح عاطلاً باختياره عندما يتوقّف عن العمل والإنتاج مع قدرته على فعل ذلك، لكنه يختار تضييع وقته في أمور لا ترجى منها فائدة.
ويتجنّب العاقل مجالسة هؤلاء لأنهم لا يؤثّرون فقط عليه بشكل سلبي، لكن بسبب أنهم يدورون في حلقات مفرغة من الإحباط والتثبيط الذّاتي المتكرّر، بينما تدور عجلة قطار الحياة أمامهم، ولا يستطيعون اللحاق بها، ويختارون بدلاً عن ذلك البقاء في انهزاميتهم الاختيارية، والمتفرّغ هو من يقضي معظم وقته يناقش الأمور الخاصة بالآخرين، ومن ينغمس بشكل شبه يومي في اغتياب الناس.
ومن يدمن الاستماع الى النميمة، والتمتّع بتكرار أراجيف العامة (الأخبار الكاذبة)، ومن يدمن الهذر، وكأنّ مهمته الوحيدة في هذا العالم هي ترديد الاشاعات السقيمة، أو الانغماس المفرط في الشؤون الخاصة بالأفراد الغائبين، وهو بالطبع متفرّغ لمناقشة ولنقد حياة كل إنسان سوى نفسه!
-جالِس أهل الصلاح و الرّزانة: يتّصف أهل الصلاح والرّزانة بالإتّزان، وبالوقار، وبالاعتدال الفكري وبالنضج النفسي، وبحسن الأخلاق، وهم الأغلبية في كثير من المجتمعات الطبيعية، وسيستفيد العاقل من مجالستهم بسبب أنهم يضيفون رونقاً ايجابياً على شخصيته، وصفاء قلوبهم ونضجهم الفكري والنفسي يؤثّر إيجابياً عليه.
وأقلّ ما يستفاد منهم هو محاكاة أخلاقهم الحسنة، لا سيما أثناء تعاملهم مع بعضهم بعضاً، وإذا جادل أحدهم أنه لا يستطيع العثور على أهل الصلاح والرّزانة في بيئته المحيطة ليجلس معهم، ويستفيد منهم، فما عليه سوى أن يركّز على جعل نفسه قدوة أخلاقية للآخرين المحيطين به، عن طريق إصلاح نفسه، والتزام الرّزانة في حياته الخاصة، وأثناء تعامله مع الآخرين في الحياة العامة، وسيلاحظ قريباً أن "الأرْواحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَما تَعارَفَ مِنْها ائْتَلَفَ، وما تَناكَرَ مِنْها اخْتَلَفَ" (حديث شريف).
كاتب كويتي
@DrAljenfawi