الثلاثاء 21 أكتوبر 2025
29°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
خطاب ملك المغرب صوت الشعب للحكومة والبرلمان
play icon
الافتتاحية

خطاب ملك المغرب صوت الشعب للحكومة والبرلمان

Time
الأحد 12 أكتوبر 2025
أحمد الجارالله

‏حين قال ملك المغرب السابق، المرحوم الحسن الثاني، رحمه الله، لأحد الصحافيين الفرنسيين: "من لا يحب هذا الشعب لن يحكمه طويلاً"، كان يضع القاعدة الذهبية للمملكة التي منذ نحو 600 عام لا تزال تسير على الخطى نفسها، لذلك عندما قلنا في مرات سابقة إن الديموقراطية المغربية ناضجة بما يكفي كي تصحح الأخطاء من دون أي عواقب، كنا نستلهم ذلك من خلال التجربة العريقة الممتدة لقرون.

لهذا، يأتي خطاب الملك محمد السادس في افتتاح الدورة البرلمانية الحالية، ليكون حجر الزاوية في الممارسة، التشريعية والحكومية الجديدة، منطلقاً من هموم شعبه، أولاً، وثانياً مما يلمسه خلال جولاته في المدن كافة التي يزورها، وأحياناً كثيرة من دون مواكب ملكية، ويتعاطى مع الناس على أنه الرقيب الأول على الأعمال التنفيذية للحكومة.

وفي هذا الإطار عندما يقول في خطابه الأخير: "ندعوكم (أي النواب) إلى التحلي باليقظة والالتزام بالدفاع عن قضايا الوطن والمواطنين"، فإنه يضع الجميع أمام مسؤولياتهم، لأنهم سلطة الرقابة على أعمال الحكومة، ومن جهة أخرى عليهم التنبيه إلى مكامن الخلل، لأن "هذه المسألة ليست مسؤولية الحكومة وحدها، وإنما هي مسؤولية الجميع، وفي مقدمهم أنتم، السادة البرلمانيين، لأنكم تمثلون المواطنين"، كما ورد في الخطاب.

إن الملكية الدستورية الممارسة في المغرب لم تأتِ من فراغ، بل نتيجة تجربة استمرت عقوداً طويلة، وممارسات لأحزاب وتجمعات تسعى بكل جهد في سبيل دولة متقدمة، وجهود تتعاون كلها، ولا تمس جوهر الدولة، بل تعمل على التحديث الدائم للمؤسسات.

في الأحداث الأخيرة كان الملك والقصر يراقبانها، ومطالب الشباب، بل في الكثير من الأحيان كان الملك يتجول في المدن للاطلاع على الأمور عن كثب، لأن الهم ليس البروتوكول، بل طمأنة الناس إلى أن الملك إلى جانبهم، وهنا كان واضحاً حين قال مخاطباً النواب والوزراء: "ندعو الجميع، كلٌّ من موقعه، إلى محاربة كل الممارسات التي تُضيّع الوقت والجهد والإمكانات، لأننا لا نقبل بأي تهاون في نجاعة ومردودية الاستثمار العمومي"، كي تكون النتيجة قائمة على قاعدة "رابح – رابح".

إن ذلك موجود منذ سنوات، لأن أي تغيير في التوازن يقلب المعادلة، فتذهب الجهود سُدى، وهذا من الأسس التي قامت عليها الدول الديموقراطية الحديثة، فالهدف تحويل الأزمات إلى فرص تكون قادرة على المحافظة على ميزان العدالة.

على ذلك، حدد الملك محمد السادس توجهات المرحلة المقبلة بقوله: "أصبح من الضروري إعادة النظر في تنمية المناطق الجبلية، التي تغطي 30 في المئة من التراب الوطني، وتمكينها من سياسة عمومية مندمجة تراعي خصوصياتها ومؤهلاتها الكثيرة"، كي تكتمل دورة الإنتاج بين الأرياف والمدن.

لهذا، كانت توجيهات الملك واضحة أمام الجميع في أجهزة الدولة، وهي أن تسمعوا صوت الناس، وتعرفوا مطالبهم، وتعملوا على إنصافهم، فيما كان القصر واضحاً بالنسبة لاحتجاجات الشباب، وهي أن يبتعدوا عن التخريب، لأن الأملاك العامة هي للشعب، وهذا ما لوحظ، حين اكتفى الشباب بالتعبير بشكل حضاري.

ففي كل الدول يكون هناك تقصير في الأداء الحكومي، لكن حين تكون رقابة عليا ساهرة على رقابة أعمال السلطتين، التشريعية والتنفيذية، والأجهزة كافة، يكون الإصلاح أسرع، وهذا ما عليه المغرب.

نعم، صدق الملك الحسن الثاني، رحمه الله، في قاعدته الذهبية التي أثبتتها الأحداث، لا سيما الأخيرة، وأضاف إليها الملك محمد السادس قاعدة أخرى، وهي أن يكون صوت شعبه، أمام الحكومة والبرلمان.

أحمد الجارالله

آخر الأخبار