مساحة للوقت
في طفولتنا رسخت فينا روح الحرية والكرامة الإنسانية، التي تجسدت بكفاح الشعب الجزائري، وكانت قضية فلسطين نتلمسها جميعا بذكرى "وعد بلفور" في شهر نوفمبر من كل عام، ونعيشها كحالة اغتصاب بريطاني للارض، ومحنها لليهود.
لذلك طغى نضال الشعب الجزائري ضد المغتصب الفرنسي في اذهاننا بشكل كبير، إلى درجة مشاركتنا لهم بنضالهم في جمع التبرعات لصالح الثورة الجزائرية، وكانت زيارة المناضلة جميلة بو حيرد إلى الكويت بستينيات القرن الماضي، هي التي رسخت في ذاكرتنا وأذهاننا، حتى تحررت الجزائر من الاستعمار الفرنسي.
وتبدلت الظروف والمواقف مع نضال الشعب الفلسطيني وبخاصة بعد حرب يونيو عام 1967 من تلك الحرب، ونتائجها، فتغيرت حالنا، فكان عام النكسة تأثيراً مباشراً على تفكيرنا بحركة النضال الفلسطيني، وبدأت متابعتنا لقضية فلسطين، واخبار الكفاح الفلسطيني المسلح، والعمليات الفدائية، التي نتحدث عنها ونتابعها بخاصة في فترة الشباب.
وفي مرحلتي الدراسية بالإعدادية والثانوية، وكذلك باحتكاكنا بالإخوة الفلسطينيين، الذين كانوا من الأصدقاء المقربين لنا، في المدارس والمناطق، وكنا نحن وهم متقاربون في الصداقة والجوار معنا، في أحياءنا وملاعبنا وساحاتنا، وحتى في مشاركتنا ألعابنا الشعبية.
من هنا اصبحت قضية فلسطين قضيتنا، لذلك نتذكر ذلك اليوم الذي اعدت فيه الكويت جنودها الاشاوس، وارسلتهم إلى الجبهة المصرية، في احتفال مهيب حضره أميرنا الراحل الشيخ صباح السالم، طيب الله ثراه، إيذاناً بمشاركة الكويت في الدفاع عن حقوق العرب، وقضيتهم الاولى فلسطين، وقد تحققت لجنودنا نيل الشهادة فداءً لارض العروبة، وقضية العرب والمسلمين الاولى.
وبعدها ببضع سنوات جاءت المشاركة الكويتية في "حرب رمضان" اكتوبر عام 1973 التي تحررت فيها اغلب الأراضي المحتلة على الجبهين، المصرية والسورية، وتخلصنا من اثار نكسة 1967بانتصار اكتوبر.
واليوم بعد حرب الإبادة اكتوبر عام 2023، نعود بعد عامين في أكتوبر 2025، وعلى ارض مصر، وفي شرم الشيخ، ننتزع تحقيق الصفحة الأولى من انتزاع النصر والحرية لشهداء غزة وفلسطين، التي، بالتأكيد وبعون من المولى سبحانه، سوف تحقق انتزاع السلام الدائم للعرب، وللشعب الفلسطيني على ارضه المحتلة والمغتصبة من نوفمبر 1917، لتعود دولة فلسطين ارضاً للسلام والحرية والكرامة، بعد إعلان اغلب دول العالم الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وتحقيق التعايش السلمي على ارض السلام.
اكتوبر عام 2025 سيكون اهم ورقة تاريخية في سجل العالم، وآخر الأوراق التاريخية الفلسطينية، التي تبعثرت من سنوات طويلة، ويتبقى الدعاء لشهداء فلسطين وغزة، فهم الصفحة البيضاء بصمودهم وصبرهم، وشجاعتهم، أطفالاً ونساءً وعجائز وشيوخ، مرضى وجرحى، لانهم الورقة البيضاء الرابحة في مسيرة هذا الكفاح والنضال، ولهم التحية والثناء، ولهم ترفع القبعات.
كاتب كويتي
[email protected]