حوارات
"وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا "(القصص 77).
يتعلّم الانسان من تجارب الحياة، ويفترض أن تتحوّل هذه التجارب إلى دروس وقيم ومبادئ سلوكية، وتصرّفات يتم تطبيقها على أرض الواقع، وتفيد الفرد في حياته.
لكنني أعتقد وجود آفة تمنع التعلّم من دروس الحياة، تتمثل في عدم تطبيقها على أرض الواقع، ومن بعض علامات عدم تطبيق دروس الحياة المستفادة، وأسباب هذه الظاهرة السلبية، نذكر ما يلي:
-علامات عدم تطبيق دروس الحياة: يتّصف من يعجز باختياره عن تطبيق ما استفاده من حكم، ومبادئ من دروس الحياة، بميله إلى إعادة تكرار أخطائه نفسها السلوكية السابقة، وبضعف الوعي الظّرفي لديه، وانغماسه السريع في الاستثارة العاطفية، وما تؤدي إليه من انفصال عن الواقع المحيط.
وستلاحظ أنّ من لا يطبّق بعض ما يفترض أنه استفاده من دروس حياته يتّصف بفوضوية التفكير، وعدم ضبطه لنفسه، لا سيما عدم قدرته على التحكّم في ردود فعله، وبميله الى تكوين انطباعات وتحيّزات نفسية وفكرية، لا تستند إلى أدلة وبراهين منطقية، ويُبقي على علاقاته مع الشخصيات السميّة نفسها التي كادوا أن يدمّروا حياته، ويجالس النفر الفاشلين انفسهم، ويستمر يتأثّر سلبياً بانهزاميتهم وبسلوكياتهم الفاشلة، ويتجنّب العمل على تنظيم وقته أو ضبط شؤون حياته بشكل يشير الى أنه تعلّم فعلاً من دروس الحياة.
-أسباب عدم تطبيق دروس الحياة: يتغلّب هوى الانسان على عقله، فيندفع في تصرّفاته بلا تفكير، وهو أمر يؤدّي به إلى نسيان ما استفاده في الماضي من بعض دروس الحياة، ويكرّر أخطاءه الكارثية السابقة، وبسبب رفضه التصرّف كإنسان بالغ عمرياً، ومن المفترض أن يكون ناضجاً نفسياً، وبسبب بقائه في البيئة السلبية ذاتها، التي دفعته الى ارتكاب أخطاء فادحة في حقّ نفسه، ولرفضه مواجهة مخاوفه.
كذلك عدم رغبته في مصارحة نفسه عن الشخصيات السميّة التي لا يزال يختلط بها في حياته، ولتجاهله الاختياري عن تأثيرها المدمّر على حياته، ورفضه التزام الاعتدال والوسطية في سلوكياته، لا سيما عندما يحتكّ بالآخرين في العالم الخارجي.
كاتب كويتي
DrAljenfawi@