الخميس 06 نوفمبر 2025
22°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
جثامين 'حماس'... ومتطلبات غزة
play icon
كل الآراء

جثامين "حماس"... ومتطلبات غزة

Time
السبت 25 أكتوبر 2025
صالح بن عبد الله المسلم

قضية الجثث التي تحتجزها "حماس" وتستخدمها كذريعة، أو ورقة تفاوضية، تُعد من أبرز العقبات التي تُهدّد تنفيذ "خطة ترامب لقطاع غزة"، ولا يمكن النظر إليها فقط كمسألة لوجستية، أو إنسانية، بل كجزء من لعبة ستراتيجية سياسية، إذ يسعى كل طرف إلى تعظيم مكاسبه قبل الالتزام الكامل،ومدى التزام "حماس" بتسليم الجثث ــ أو استمرار تأجيلها ــ سيكون أحد المؤشرات الحاسمة، لتحديد ما إذا كانت الخطة ستنجح أو تنهار.

"حماس" تقول إن عدداً من الجثث موجودة تحت الأنقاض، أو في أنفاق مدمّرة، أو في أماكن يصعب الوصول إليها، بسبب كثافة الدمار، ومنع دخول فرق الإنقاذ، واستردادهم يستغرق وقتاً، ويتطلّب تجهيزات خاصة.

الجثث/المفقودون يُعَدّون رموزاً مؤلمة لدى الجانب الإسرائيلي، ولهذا فإن "حماس" بإرجاء تسليمها تخلق نوعاً من الضغط على إسرائيل والوسطاء.

من خلال امتلاك هذه الورقة، تملك "حماس" نوعاً من النفوذ في المحادثات، وتتمكّن من المطالبة بشروطها، أو تعطيل البنود التي لا ترغب بها.

كلما طال أمد تأخير التنفيذ، زاد الوقت الذي تحصل فيه "حماس" على فرصة لترتيب مواقعها داخلياً، إعادة بناء قدراتها، أو على الأقل تقوية موقفها السياسي.

هذا التأخير يتيح أيضاً للقطاع أن يعيش مرحلة شديدة من الضغط، ما قد يخدم الرواية الداخلية بأن المقاومة تتحمّل وتضغط.

ليست القضية فقط جثثاً تُسلم، بل مرتبطة بقرار انسحاب إسرائيلي، وآليات الحكم في غزة، و"حماس" تريد أن تتأكد من أن مجرد تسليم الجثث لا يعني أنها تتابع عبر البنود التي تضع نفسها خارجها.

الاتفاقات التي أُعلِنت تحت سيطرة ترامب كانت مليئة بالأهداف الكبرى، إنهاء الحرب، انسحاب إسرائيل، إقامة إدارة دولية، تجريد "حماس" من السلاح لكن ما نراه، والحركة تلتزم جزئياً أو تؤجّل، وإسرائيل تُحذّر من استئناف العمليات، إذا لم تُستَوف الشروط.

إسرائيل قد ترى التأخير كذريعة لعدم تنفيذ البنود الأخرى، وبالتالي قد تعود إلى ميدان العمليات.

"حماس" بإبقاء هذا الملف على الطاولة تحافظ على السيطرة الرمزية والمؤسّسية، هي التي تملك الجثث/الأسرى، وهي التي تقرّر متى تقوم بالتسليم ضمن شروطها.

الاتفاقات التي تهدف إلى تغييرات جوهرية في حكم غزة- مثل إدخال إدارة دولية، أو تغيير بنية المقاومة- تبقى معرضة للخطر.

مسألة الجثث تُربط بالقانون الدولي الإنساني، التزام الأطراف بإعادة القتلى، أو على الأقل تسهيل التعرف عليهم، يُعد أحد عناصر التعامل الإنساني في النزاع.

التأخر أو تحويلها إلى أداة سياسية يزيد من التوترات، يخلق جدلاً دولياً حول التزام الأطراف بالقانون.

رغم أن "حماس" تُقدّم مبرّرات لوجستية (أنقاض، أنفاق، صعوبة الوصول)، لكن التحليل يشير إلى أن الأمر يتجاوز ذلك لأن المماطلة ليست عرضية، بل مكرّرة، مع مواقف سياسية واضحة من "حماس" تربط التسليم بشروط أخرى، وهي لها مصلحة مباشرة في إبقاء ورقة التبادل/التفاوض حيّة إلى أجل، وليس فقط لإنقاذ الأرواح، أو إعادة الجثث فوراً.

التأجيل يُوفّر لها منصة ضغط، خصوصاً أن الجانب الإسرائيلي والوساطة الأميركية قد يشهدان ضغطاً سياسياً فور تنفيذ البنود الأصغر.

لو كانت مسألة لوجستية بحتة، لربما تم الاتفاق على عملية مرحلية واضحة، لكن ما نراه هو تضارب حول تشكيل لجنة، من سيدير التعرف على الجثث، ما هي الضمانات، وما هي علاقة ذلك بالانسحاب الإسرائيلي أو وقف إطلاق النار النهائي.

كاتب سعودي

آخر الأخبار