636 مواطناً طلبوا الهجرة إلى أميركا... هل يعقل؟

توقفت طويلاً عند الاحصائية التي نشرتها وزارة الخارجية الاميركية عن عدد التأشيرات التي اصدرتها الشؤون القنصلية لعدد من الدول.

في هذا الصدد، إذا كانت الهجرة المكثفة من بعض الدول، التي تعاني من ازمات سياسية، او عسكرية، وامنية، وحتى اقتصادية مبررة، الا أنه عندما تضم الاحصائية 636 تأشيرة هجرة لكويتيين، فهذا يجب أن تكون هناك توضيحات.

من الطبيعي الا تفصح الخارجية الاميركية عن الاسباب، او هل هؤلاء مولودون في الكويت، لكنهم من غير الكويتيين، او هم "بدون"، لكن بطبيعة الحال إن ذلك العدد بحد ذاته مستغرب، لأن الكويتي ليس بحاجة الى الهجرة، فلا لدينا ازمات اجتماعية، ولا امنية، وليس هناك اي منغصات تفرض عليه الهجرة.

بل من المستغرب أن تكون هناك هجرة من دول "مجلس التعاون" الخليجي، لأنها دول مستقرة، بل هي مقصد لاصحاب رؤوس الاموال، والمستثمرين، وحتى الباحثين عن الاستقرار، والعمال الذين يرغبون بتحسين معيشتهم.

لذا لا يعقل أن 636 كويتياً في عام 2024 قدموا طلبات للهجرة، فمن خبرتي في الولايات المتحدة، حيث درست فيها، أعرف صعوبات الحياة، لا سيما الضرائب التي احيانا تستهلك نحو 30 في المئة من الدخل، وايضا الصعوبات الامنية احيانا غير الموجودة في دول الخليج العربي.

في بعض دول الخليج يأتي المتقاعدون الاميركيون كي يعيشوا فيها، لأن حياتهم فيها اسهل من بلادهم، وهناك الملايين منهم الذين استقروا في مختلف دول العالم، لذا، فهل يعقل أن يطلب مواطنون من الامارات وقطر والكويت والسعودية، وعُمان والبحرين، الهجرة إلى الولايات المتحدة؟

مصدر استغرابي أن هذا الرقم لا يتناسب مع الواقع، فمثلاً في الاحصائية هناك ثمانية اشخاص من مواطني جزر القمر طلبوا الهجرة، بينما الاوضاع المعيشية فيها اشد وطأة من كثير من دول العالم. طبعا لا يمكن التشكيك في الاحصائية، فهي صادرة عن جهة رسمية موثوقة، إنما علينا البحث عن السبب، خصوصا في الكويت، حيث يطلب هذا العدد من المواطنين الهجرة! لهذا فإن الرقم يحتاج إلى وقفة وتأمل، لأنه يطرح السؤال: لماذا يطلب احدهم الهجرة، فيما لديه استقرار معيشي، ووظيفة، وراتب تقاعدي، ومسكن، وحرية حركة، وسفر، وطبابة مجانية، وغيرها الكثير مما يحصل عليه المواطن الكويتي، بل في معظم دول الخليج العربي؟

صحيح أن هناك مطالبات بعدم خفض الراتب التقاعدي، او تغيير بعض القوانين، لكن هذا لا يمكن أن يكون المبرر للهجرة إلى دول فيها الكثير من المصاعب المعيشية، لذا من المهم البحث عن الاسباب، ومعالجتها بالكثير من الحصافة.