من المعلوم في الاقتصاد أن من أضرار الفائدة المركبة زيادة تكلفة القروض بشكل كبير، ما يؤدي إلى صعوبات في السداد، وغرق الأفراد في الديون.
كذلك، فإن ارتفاعها يزيد تكلفة الاقتراض على المشاريع، ما يعيق المنافسة، ويقلل فرص النمو المتكافئة، ولهذا السبب، جاء قرار المحكمة الاتحادية العليا الإماراتية بحظر احتساب الفائدة المركبة (الفائدة على متجمد الفوائد) بموجب قانون المعاملات التجارية وقانون المصرف المركزي الإماراتي، كما أن إجمالي الفوائد يجب ألا يتجاوز أصل مبلغ القرض نفسه، كي لا تكون هناك أي عراقيل على التنمية.
كذلك، إن ما انتهت إليه المحكمة هو منع الربا غير المباشر، لأن "الفوائد" تجعل المدين يقع تحت عجز أكيد عندما تصبح خدمة الدين أكبر من القدرة على السداد.
لذا، إن هذا القرار يساعد على تطوير الاقتصاد، وهو الهدف الذي حققه، ما يؤدي إلى زيادة قوة الحركة التجارية والمشاريع.
في هذا الشأن، ما عملت عليه المملكة العربية السعودية، منذ زمن طويل، بوقف الفائدة على القروض، خصوصاً المركبة، وكذلك عندما تصبح القضية أمام المحكمة، يتوقف عداد الفائدة، ويُكتفى بأصل المبلغ.
كما أن "الفوائد المركبة" لا تتفق مع القاعدة الفلسفية للقوانين المرعية في العالمين، العربي والإسلامي، المستمدة من الشريعة، لا سيما في دول الخليج، والدول العربية، لأن الأصل في "الفائدة المركبة" هو التعجيز والسعي إلى الإفقار والاستحواذ، ولهذا أقلعت عنها معظم دول العالم، التي أخذت في تطوير اقتصاداتها بما يتناسب مع المساواة في الفرص، والحرص على الابتكار من دون معوقات.
لهذا، فإن استناد الدائنين إلى هذه القاعدة في الكويت، يقوم على مبدأ فاسد لا يستقيم مع الدستور، ولا القوانين المانعة للربا، كما أن الاحتيال على النص ليس في مصلحة الدائن، لأنه يجعل المقترض عبر الفائدة المركبة في هذه الحال متعثراً، وربما يعلن إفلاسه للخلاص من المطالبات، فتقع الخسارة على المؤسسة المالية أو الدائن، أكثر من المقترض، الذي تحرر من أسر الدين.
في المقابل، فإن القانون أعطى الحق للقاضي فرض فائدة سبعة في المئة مرة واحدة، وليست مركبة، على أساس التقييد، كي لا يتحول القرض إلى ربا، وفي الوقت نفسه حماية المدين من الاستغلال، والنظام الاقتصادي من الفوائد الباهظة.
لكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد، إذ إن العمليات المصرفية التي تجريها البنوك مستثناة من هذا القيد، وهنا تكمن مشكلة المقترضين، ما دفع الكثير منهم إلى إعلان الإفلاس.
لهذا، من واجب البنك المركزي أن يعمل على حسم هذه المسألة المؤرقة للناس، خصوصاً حين اتخذت إجراءات قانونية قاسية فأصبح من الصعب على المقترض الوفاء بالدين، وفي الحالتين لم يستفد المقرض أي شيء، بل جعل ذلك خسارته مضاعفة.
على هذا الأساس جاءت القاعدة الفقهية "الغُرْم على المفرط"، أي في كلتا الحالتين هناك خسارة مزدوجة على المدين والدائن، وكذلك إرباك للاقتصاد. من هنا، فإن على الجهات المعنية والقضائية المعنية حسم هذ الأمر، ومراعاة أوضاع الناس، ومنع الفائدة المركبة، أسوة بالسعودية والإمارات، ومعظم الدول التي منعتها كي لا تتجاوز الفوائد أصل الدين، من أجل تنشيط الحركة الاقتصادية الإنمائية في البلاد.
(باريس)