مجلس السيادة: ليست النهاية... وإدانات دولية لفظاعات وجرائم الحرب
الخرطوم، عواصم - وكالات: فيما أقر رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان بالانسحاب من مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور غرب البلاد، مؤكدا أن الانسحاب كان ضروريا، مشددا على أن قواته ستقتص لأهالي الفاشر، قائلا إن الشعب السوداني سيحاسب المجرمين وإن قواته المسلحة ستنتصر وتستطيع قلب الطاولة على ميليشيات التمرد، مضيفا أن الخزي والعار والهزيمة لكل من يصطف مع ميليشيات التمرد، متابعا بالقول "سنستعيد كل أراضي السودان، وعازمون على النصر والقضاء على التمرد"، أكد نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار أن ما حدث للجيش في الفاشر يتطلب تماسك السودانيين، قائلا إن ما جرى يدعو للتفكير بمسؤولية في الوطن، مشددا على أن السودان يمر بلحظة صعبة لكنها ليست النهاية، متعهدا للشعب السوداني ببذل كل الجهود من أجل تجاوز المحنة، وفق تعبيره.
وبينما انتشرت مشاهد ومقاطع مصورة تظهر مسلحين يطلقون الرصاص الحي على مدنيين عزل أوقفوا بعد سيطرة الدعم السريع على المدينة، ودان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف الفظاعات وجرائم الحرب في الفاشر، معربا في بيان على منصة "إكس" عن القلق البالغ حيال العنف المتصاعد والفظاعات التي تتحدث عنها تقارير من المدينة، مكررا إدانته لجرائم الحرب المفترضة وعمليات قتل المدنيين التي تستهدف جماعات عرقية"، بينما حذرت منظمة "اليونيسف" من أن حياة نحو 130 ألف طفل في الفاشر معرضة للخطر وسط عنف متصاعد ونقص في أساسيات الحياة، في حين وصفت بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان الوضع في الفاشر بأنه "مفزع"، مشددة على وجوب وقف النار، مشيرة إلى أن طرقا وعرة تستخدم في محاولة لإيصال المساعدات إلى النازحين من المدينة، وقال رئيس البعثة محمد رفعت "رصدنا أعراض نقص الغذاء لدى كل من خرج من الفاشر"، مضيفا أن البعثة تركز حالياً عمليات الإغاثة في منطقة طويلة.
من جانبه، ندد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدانوم غيبريسوس بهجوم استهدف المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل بشكل جزئي في الفاشر، داعيا إلى وضع حد فوري للعمليات العسكرية، قائلا على منصة "إكس" إن قسم الأطفال في المستشفى السعودي تعرض لهجوم جديد، وبحسب المعلومات، قتلت ممرضة وأصيب ثلاثة ممرضين آخرين، مؤكدا أن انقطاع الاتصالات يمنع من التحقق من تطور الوضع في المستشفى ومحيطه، بينما حذّر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن الفاشر في وضع حرج للغاية مع تزايد خطر الانتهاكات والفظائع ذات الدوافع الإثنية، قائلا في بيان إن خطر وقوع انتهاكات وفظائع واسعة النطاق بدوافع إثنية يتزايد يوما بعد يوم، داعيا إلى تحرك عاجل وملموس لضمان حماية المدنيين وتأمين ممرات آمنة للراغبين في الفرار إلى مناطق أكثر أمنا. وأفاد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأن مكتبه تلقى تقارير عن عمليات إعدام ميداني بحق مدنيين حاولوا الفرار مع وجود أدلة تشير إلى دوافع إثنية، وتحدث عن مقاطع فيديو تُظهر عشرات الرجال العُزّل مقتولين بالرصاص أو ممددين على الأرض، محاطين بعناصر من قوات الدعم السريع يتهمونهم بالقتال في صفوف الجيش السوداني، كما أشار إلى معلومات تفيد باعتقال مئات الأشخاص أثناء محاولتهم الفرار، بينهم صحافي، محذرا من أنه بالنظر إلى الحقائق في شمال دارفور فإن "خطر العنف الجنسي وخصوصا ضد النساء والفتيات، مرتفع جدا، مؤكدا أن العديد من المدنيين، بينهم متطوعون إنسانيون محليون، لقوا حتفهم نتيجة قصف مدفعي كثيف في الفترة من 22 إلى 26 أكتوبر الجاري.
وأكد أن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تلقت تقارير عن نقص حاد في الغذاء وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى إعدام عناصر من قوات الدعم السريع خمسة رجال في شكل تعسفي كانوا يحاولون إيصال الطعام إلى الفاشر، كما سُجِّلت عمليات إعدام ميداني لمدنيين على يد مسلحين في مدينة بارا الواقعة في ولاية شمال كردفان في غرب السودان، مشددا على ضرورة أن تتخذ قوات الدعم السريع خطوات ملموسة بشكل عاجل لوضع حدّ للانتهاكات ضد المدنيين في الفاشر وبارا، بما في ذلك العنف بدوافع إثنية والأعمال الانتقامية، قائلا "أُذكِّر قادة قوات الدعم السريع بواجبهم بموجب القانون الإنساني الدولي لجهة ضمان حماية المدنيين وإيصال الإمدادات الأساسية والمساعدات الإنسانية"، مشددا على أن القانون الدولي يحظر العنف ضد غير المشاركين في الأعمال العدائية، ويحظر استخدام التجويع كسلاح حرب.
بدورها، أعربت المفوض الأوروبي للمساواة وإدارة الأزمات حاجة الحبيب عن قلقها البالغ إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في الفاشر، واصفة ما تشهده المدينة بأنه "كارثة إنسانية وصلت أعلى مستوياتها"، قائلة إن المدنيين يقتلون والعائلات تجبر على الفرار من العنف الذي تمارسه قوات الدعم السريع، مضيفة أن حماية المدنيين وضمان مرورهم الآمن واجب إنساني لا يقبل التأجيل، مشددة على ضرورة تمكين العائلات العالقة من الوصول إلى المساعدات الإنسانية والفرار من مناطق القتال بأمان، بينما دعت رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميرجانا سبولجارتش أطراف النزاع في الفاشر ومحيطها للالتزام الصارم بأحكام القانون الدولي الإنساني وضمان حماية المدنيين من الأذى سواء غادروا المدينة أو بقوا فيها، مشددة على ضرورة تأمين وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى المحتاجين دون عوائق وتمكين العاملين الإنسانيين من أداء مهامهم بأمان، مؤكدة ضرورة تجنب استهداف المستشفيات والمنازل والبنى التحتية الحيوية، محذرة من تصاعد أعمال العنف ضد المدنيين في كل مرة تغير فيها ميزان السيطرة بين الأطراف المتحاربة، مشددة على ضرورة الإيقاف الفوري لهذا النمط المروع من الانتهاكات.