في خبر لفت نظري أن قاضية فيدرالية أميركية تحكم بوقف نفاذ قرارات الرئيس دونالد ترمب غير القانونية بفصل 800 الف موظف حكومي فيدرالي، خلال فترة الاقفال الحكومي، حتى الفصل في موضوع الدعوى.
ايا كانت المبررات، المعروف أن الحكم في الولايات المتحدة رئاسي، لكن القضاء له سلطة على الجميع، حتى الرئيس، وهذا ما يعني الخضوع للحكم، حتى "الفصل بالدعوى".
في كثير من دول العالم الثالث، يأمر الرئيس، ويطاع، ولا احد له الاعتراض، لذلك تتخلف الدول، ولنا مثال بسورية التي اختزل "حزب البعث" الحاكم السابق للدولة، الوطن بشخص الرئيس، فالوطن وهو الرئيس، وليس العكس، كذلك الامر في العراق، حيث كان صدام حسين عبارة عن "العراق كله"، له أن يحكم بقتل الناس من دون العودة للقضاء فيما كانت احكام هذه السلطة صورة عما ترسمه الاستخبارات.
كذلك الحال في ليبيا، وغيرها من دول العالم الثالث، لهذا فإن الجميع يخاف، ويحسب الف حساب وحساب لاي مبادرة او اشارة.
نعود إلى موضوعنا لست من المعجبين بالولايات المتحدة في سياستها الخارجية، لكن لا بد من الاعتراف بأنها دولة حرية الافكار، حيث لا احد يمكنه مصادرة فكرة اي احد من الناس، لهذا اتيحت الفرص للجميع، في الاقتصاد والسياسة، وحتى المجتمع، ورغم الجذور العنصرية التي لا تزال فاعلة بقوة، إلا أن الجميع قادر على إثبات نفسه، لهذا نرى الشركات العمالقة، والاثرياء، ولهذا تعتبر بعض الولايات من اقوى الاقتصادات في العالم، لان الولايات المتحدة كما يقال ارض الفرص.
لهذا تبقى الفكرة متحررة من القيود، والفرد كائنا مستقلا بذاته، له أن يمارس حريته بما لا يخل بالقانون، وما لا يؤذي المجتمع، لذا بدأ بيل غيتس من مرآب منزل اهله في بناء شركته، التي تحولت إلى اكبر شركة في عالم التكنولوجيا، بل ان ايلون ماسك، المهاجر والده من جنوب افريقيا، اصبح اليوم من اغنى اغنياء العالم.
حين تحكم حرية الافكار ينهض المجتمع، وهو ما يجمع أن يعمل عليه الشباب.
لذا يأتي هذا الحكم ضد الرئيس دونالد ترامب، بصفته رئيسا، كي يحد من التحكم الفردي بالقوانين، وعدم تطويعها بما يناسب مصلحة الفرد السياسية، فحين ترفع دعاوى من موظفين اتحاديين مختلفين مدنيين حكوميين في كاليفورنيا (4.200 موظف) ويطعنون بعدم قانونية قرارات الرئيس خلال فترة الاقفال الحكومي، فذلك يعني أن هناك حدودا لا يمكن للرئيس، حتى لو كان النظام رئاسياً، الحكم بالطريقة التي تخدم مصالحه.
لذلك فإن الحد من سلطة رئيس الولايات المتحدة يعني وجود ضوابط وآليات دستورية لا يمكن تجاوزها، وكذلك الفصل الطبيعي، وليس شكلياً، بين السلطات، وبالتالي فإن للسلطة القضائية ان تمارس صلاحياتها بعيداً عن اي ضغط، لذلك تكون حرية ممارسة الفرد كبيرة جدا، لا سيما إذا اتصل الامر بالاعمال والمبادرات، وهو ما يوجد في دول العالم الثالث.