الرئيس اللبناني جوزاف عون يطلع من قائد الجيش رودولف هيكل في قصر بعبدا على تفاصيل توغل الاحتلال في بلدة بليدا الجنوبية فجر أمس	 (وكالات)
        
	
                    
                 
                    
                        
                                            
                
            "حزب الله" يثمن... وبري: لا يمكن التغاضي عن اقتحام البليدة... وسلام: اعتداء على السيادة والمؤسسات
بيروت، عواصم - وكالات: فيما يحوّم شبح الحرب مجددا على لبنان، ووسط أجواء مشحونة في أعقاب توغل قوة عسكرية للاحتلال الاسرائيلي داخل بلدة بليدا الحدودية الجنوبية فجر أمس، طلب الرئيس اللبناني جوزاف عون من قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل التصدي لأي توغل لقوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الجنوبية المحررة "دفاعا عن الأراضي اللبنانية وسلامة المواطنين"، وقالت الرئاسة اللبنانية في بيان إن العماد هيكل أطلع الرئيس عون خلال لقائه به في قصر بعبدا على تفاصيل توغل الاحتلال الإسرائيلي في بلدة بليدا وقتله أحد العاملين في البلدية خلال قيامه بواجبه المهني، واستنكر الرئيس عون الاعتداء الذي يندرج في سلسلة الممارسات العدوانية للاحتلال والذي جاء بعد اجتماع لجنة مراقبة اتفاق إيقاف الأعمال العدائية "التي يفترض ألا تكتفي بتسجيل الوقائع بل العمل لوضع حد لها"، من خلال الضغط على الاحتلال ودفعه إلى الالتزام بمندرجات اتفاق نوفمبر الماضي وإيقاف انتهاكاته للسيادة اللبنانية.
من جانبه، دان رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام التوغل الإسرائيلي، معتبرا إياه اعتداء صارخا على مؤسسات الدولة اللبنانية وسيادتها، معربا عن تضامنه مع أهل جنوب لبنان والقرى الحدودية فيه الذين "يدفعون يوميا ثمن تمسكهم بأرضهم وحقهم في العيش بأمان وكرامة تحت سيادة الدولة اللبنانية وسلطتها، مؤكدا متابعة الضغط مع الأمم المتحدة والدول الراعية لاتفاق إيقاف الأعمال العدائية لضمان إيقاف الانتهاكات المتكررة من الاحتلال الإسرائيلي وتنفيذ انسحاب قوات الاحتلال الكامل من الأراضي اللبنانية، كما شجب وزير الداخلية والبلديات اللبناني أحمد الحجار "الجريمة البشعة" التي ارتكبها جنود الاحتلال ضد موظف البلدية بإطلاق النار عليه داخل مبنى البلدية أثناء تأديته واجبه ما أدى إلى قتله، مشددا على ضرورة إيقاف الاعتداءات ضد المدنيين والمنشآت العامة في بلاده.
بدوره، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري إن ما حصل في بليدا والعديسة والعدوان الجوي صباحا على أطراف بلدات العيشية والجرمق والخردلي، بالإضافة إلى انتهاك أجواء العاصمة بيروت وضواحيها الجنوبية، يتجاوز الاستباحة الإسرائيلية للسيادة الوطنية اللبنانية وقرارات الأمم المتحدة ويشكل عدوانًا لا يمكن التغاضي عنه، مضيفا أن اللحظة الراهنة تتطلب من جميع اللبنانيين استحضار كل عناوين الوحدة ودعم موقف الرئيس عون، بينما ثمّن "حزب الله" موقف الرئيس عون ودعا إلى دعم الجيش بكل الإمكانيات لتعزيز قدراته الدفاعية بوجه "إجرام العدو"، مؤكدا أن توغلات العدو وانتهاكه للسيادة الوطنية وحرمة المواطنين مستمرة دون اكتراث بالاتفاقات والقوانين الدولية، معتبرا أن الولايات المتحدة تمنح الضوء الأخضر لتصعيد الإحتلال بهدف الضغط على لبنان لتنفيذ أجندة لا تتوافق مع مصالحه الوطنية ولا تحمي سيادته، قائلا إن جريمة التوغل في البليدة جاءت مباشرة بعد زيارة الموفدة الأميركية مورجان أورتاغوس وترأسها اجتماعات لجنة "الميكانيزم"، مشددا على أن استمرار العدو في جرائمه يستلزم موقفا وطنيا موحدا وصلبا من الدولة اللبنانية وكل القوى السياسية.
وكانت وزارة الصحة اللبنانية أعلنت مقتل شخص بإطلاق نار خلال توغل قوة عسكرية للاحتلال في بلدة بليدا في ساعة مبكرة من صباح أمس، بينما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أن قوة عسكرية للاحتلال توغلت داخل بلدة بليدا لمسافة تتجاوز الألف متر عن الحدود مدعومة بعدد من الآليات العسكرية واقتحمت مبنى البلدية حيث كان يبيت داخله الموظف البلدي إبراهيم سلامة الذي أقدم جنود الاحتلال على قتله، مضيفة أن التوغل استمر حتى الساعة الرابعة فجرا قبل أن تنسحب القوة المعتدية ودخل بعدها الجيش اللبناني إلى المبنى حيث تم نقل جثمان القتيل بمساعدة الدفاع المدني اللبناني إلى المستشفى. وفيما أقدمت قوة عسكرية للاحتلال على تفجير مبنى في بلدة العديسة الحدودية الجنوبية فجر أمس، بالتزامن مع شن طيران الاحتلال عدد من الغارات على مرحلتين مستهدفا منطقة الجرمق - المحمودية جنوب لبنان، أكد رئيس لجنة الإشراف على إيقاف الأعمال العدائية "الميكانيزم" الجنرال الأميركي جوزف كليرفيلد أن تنفيذ الجيش اللبناني عمليات "نوعية" تعكس عزيمته وإصراره على حماية مستقبل وطنه، مشيدا بجهود الجيش اللبناني في اطار المساعي الرامية إلى حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، قائلا في بيان وزعته السفارة الأميركية في لبنان عقب الاجتماع الـ13 للجنة الإشراف على إيقاف الأعمال العدائية في مقر قوات الأمم المتحدة المؤقتة "يونيفيل" بمدينة الناقورة برئاسة كليرفيلد ومشاركة نائب الموفد الأميركي إلى الشرق الاوسط مورغان أورتاغوس وكبار القادة العسكريين والديبلوماسيين لمراجعة التقدم في تنفيذ ترتيبات وقف الأعمال العدائية وتعزيز جهود نزع السلاح في لبنان، إن "إضفاء الطابع الرسمي على جدول الاجتماعات يعزز الشفافية ويضمن اطلاع جميع المشاركين واستعدادهم لتقديم تحديثات دقيقة إلى المجتمع الدولي، مؤكدا التزام المشاركين في الاجتماع المشترك بدعم الاستقرار في لبنان واتفاقهم على عقد الاجتماعات المقبلة للجنة بشكل منهجي ومنتظم حتى نهاية العام الجاري.
في غضون ذلك، عقدت المديرية العامة للأمن العام اللبناني اجتماعا تنسيقيا مع وفد من وزارة الداخلية السورية تناول التعاون في مجالات أمنية عدة أبرزها مكافحة الإرهاب والمخدرات والهجرة غير الشرعية وإدارة المعلومات، ونقل بيان المديرية العامة للأمن العام اللبناني عن المدير العام حسن شقير قوله إن الاجتماع يأتي ترجمة لتوجيهات الرئيس جوزاف عون بهدف تعزيز التعاون والتنسيق الأمني بين لبنان وسورية، مؤكدا أن الروابط التاريخية والعائلية التي تجمع شعبي البلدين تشكل أساسا طبيعيا لتبادل الخبرات وحماية الأمن الوطني، مضيفا أن الجانبين سيعملان على إعداد ورقة عمل مشتركة تتضمن آليات التعاون بين المؤسسات الأمنية اللبنانية والسورية بهدف حفظ أمن البلدين واستقرارهما، بينما أكد معاون وزير الداخلية السوري للشؤون الأمنية عبدالقادر طحان أن أي خلل أمني في أحد البلدين ينعكس مباشرة على الآخر، مشددا على استعداد المؤسسات الأمنية بمختلف مستوياتها في كلا البلدين للتعاون في كل ما من شأنه تعزيز أمن واستقرار البلدين.
التفاف لبناني حول دعوة عون وشبح المواجهة يلوح في الأفق
بيروت، عواصم - وكالات: ثمن محللون سياسيون وخبراء عسكريون لبنانيون موقف الرئيس جوزاف عون، واعتبر الكاتب والمحلل السياسي اللبناني رياض عيد أنه كان متوقعا ومنتظرا منذ فترة، خصوصا في ظل الضغوط التي مارستها بيروت على الراعي الأميركي للجنة الميكانيزم الخماسية المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار، لدفع الاحتلال لوقف خروقاته واستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، قائلا لموقع شبكة "روسيا اليوم" الروسية إن الولايات المتحدة لم تبد أي رغبة في ممارسة أي ضغط على الاحتلال، وهو ما أكده المبعوثان الأميركيان مورغان أورتاغوس وتوم باراك عندما أعلنا أن واشنطن "غير قادرة" على الضغط على تل أبيب، معتبرا التعليمات التي صدرت عن الرئيس جوزاف عون للجيش، رغم تأخرها، من شأنها أن تسهم في تهدئة الوضع الداخلي في لبنان، مشيدا بما وصفه بـ"الموقف الشجاع" الذي يعزز التفاف جمهور المقاومة في الجنوب حول الجيش اللبناني، مستنكرا أن بعض الأطراف الخارجية حاولت بدلا من دعم الاستقرار، ممارسة ضغوط على لبنان لدفع الجيش إلى مواجهة مع "حزب الله"، وهو ما اعتبره خطا أحمر للطرفين على حد سواء.
من جانبه، قال الخبير العسكري اللبناني عبدالرحمن شحيلتي إن إسرائيل تتعامل مع الجنوب اللبناني وكأنه منطقة عمليات عسكرية، من دون الأخذ في الاعتبار أن هذه المناطق باتت تحت مسؤولية الجيش اللبناني بموجب اتفاق وقف النار، مشيرا إلى أن اللجنة الخماسية لم تتخذ أي إجراءات لمنع إسرائيل من تنفيذ عملياتها داخل المناطق التي يشرف عليها الجيش، ما يجعل احتمال الاحتكاك بين الجيشين الإسرائيلي واللبناني قائما في أي لحظة، مؤكدا أن الجيش اللبناني لا يمكن أن يكون شاهد زور أمام الخروقات الإسرائيلية، فالمسألة تتعلق بكرامة الدولة والجيش معا، مضيفا أن الأحداث الميدانية مرشحة للتكرار ما لم يتم تغيير توصيف المنطقة لتصبح منطقة انتشار للجيش اللبناني وليس ميدان عمليات لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
ولاقت دعوة الرئيس اللبناني صدى لدى اللبنانيين الذين أكدوا وقوفهم بمؤازرة الجيش للدفاع عن الأراضي اللبنانية ضد الاعتداءات الإسرائيلية، حيث برزت رسائل دعم قوية عبر منصات التواصل الاجتماعي موجهة إلى القيادة العسكرية والرئاسية، عكست موجة تضامن وطني وتأكيدا على تلاقي اللبنانيين حول خيار الدفاع عن لبنان بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، بعيدا عن الحسابات والانقسامات السياسية الداخلية.