الاثنين 10 نوفمبر 2025
28°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
لماذا نصاب بالحُمّى؟
play icon
الصحية

لماذا نصاب بالحُمّى؟

Time
الخميس 30 أكتوبر 2025

رغم أن الحُمّى تُعدّ من أكثر العوارض شيوعاً وإزعاجاً، فإنها في جوهرها استجابة دفاعية معقدة طوّرها الجسم عبر ملايين السنين لمواجهة العدوى. فارتفاع الحرارة ليس خللاً، بل رسالة من الجهاز المناعي تعلن بدء حرب خفية ضد الميكروبات الغازية.

فعندما يصيبك الأرق في جوف الليل قرابة الساعة الثالثة فجراً، ويبلّل العرق بشرتك، وتنتابك نوبات من الرعشة، فهذه إشارة بيولوجية إلى أن ثمة شيئاً غير طبيعي يحدث في الجسم. وعندما تشعر بحرارة تتصاعد نحو جبينك، وقشعريرة باردة تنحدر على طول ظهرك، يداهمك شعور بالعجز والارتباك، وقد تُطمئن نفسك قائلاً: "إنها مجرد حُمّى".

لكن خلف هذا العارض المزعج تختبئ آلية دفاعية تطورية تُعدّ من أقدم ما ورثه الإنسان عن أسلافه في معركتهم مع المرض. فالحمّى ليست عدواً، بل استجابة منظمة من الجهاز المناعي تهدف إلى رفع درجة حرارة الجسم لتهيئة بيئة غير مناسبة لنمو الفيروسات والبكتيريا.

ويُعتقد أن الحُمّى نشأت قبل أكثر من 600 مليون عام، وتشكلت كجزء من منظومة دفاعية متطورة في الكائنات الحية لمواجهة العدوى. وهي تُعدّ أحد أكثر الأعراض شيوعاً في طيف واسع من الأمراض الفيروسية والبكتيرية والفطرية.

ارتبطت الحُمّى تاريخياً بأمراض خطيرة - وغالباً مميتة - إلى درجة أن اسمها أصبح جزءاً من تسمية العديد من تلك الأمراض مثل الحُمّى القرمزية، حُمّى الضنك، الحُمّى الصفراء، حُمّى لاسا وغيرها.

ومع ذلك، لم يتمكّن البشر من فهم آلياتها البيولوجية بدقة إلا في القرن العشرين، حين كشفت الأبحاث الحديثة أن ارتفاع الحرارة ليس فوضوياً، بل عملية منظمة تنسقها مناطق محددة في الدماغ - وعلى رأسها منطقة الوطاء (الهيبوثالاموس) - بهدف تحفيز الجهاز المناعي على العمل بكفاءة أعلى.

وهكذا، فإن الحُمّى، رغم ما تسببه من إنهاك وقلق، تظلّ أحد أعقد الأسلحة الدفاعية التي طوّرها الجسم عبر ملايين السنين لمقاومة مسببات المرض والبقاء على قيد الحياة.

آخر الأخبار