الخميس 06 نوفمبر 2025
23°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
آراء طلابية

تطور التحكيم وتأثيره في جذب المستثمر الأجنبي

Time
الخميس 30 أكتوبر 2025
هويا ناصر العجمي
وجهة نظر

يُعدّ التحكيم من أهم الوسائل الحديثة في تسوية المنازعات التجارية، لما يتميّز به من سرعة ومرونة وسرية مقارنة بالقضاء التقليدي.

وقد شهد قانون التحكيم تطوراً ملحوظاً في معظم الدول، خصوصا تلك الساعية إلى تحسين بيئة الاستثمار، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، إذ أصبح وجود نظام تحكيم فعّال من أبرز مؤشرات الثقة القانونية، والاستقرار التشريعي، الذي يبحث عنه المستثمر الأجنبي.

تطور القانون بدأ بالتحكيم كوسيلة بديلة لتسوية النزاعات منذ العصور القديمة، لكنه تطور بشكل كبير في القرن العشرين مع ازدياد حجم المعاملات التجارية الدولية.

في البداية، كانت القوانين الوطنية تنظر إلى التحكيم بحذر وتفرض قيودا على أحكام المحكمين، إلا أن الاتجاه العالمي تغيّر مع ظهور "اتفاقية نيويورك" لعام 1958 التي سهلت الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في أكثر من 160 دولة.

وفي الكويت، مثلاً، تطور الإطار القانوني للتحكيم من خلال: قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم (38 لسنة 1980) الذي خصص باباً للتحكيم القضائي، ثم القانون رقم (11 لسنة 1995) الذي وضع قواعد أكثر وضوحاً للتحكيم القضائي والاختياري، مما عزز استقلالية المحكمين وسرّع إجراءات الفصل في النزاعات، وأخيراً، التوجه نحو التحكيم التجاري الدولي الذي يواكب المعايير الدولية، ويشجع على تسوية المنازعات بطرق أكثر كفاءة وعدالة.

أثر تطور قانون التحكيم في جذب المستثمر الأجنبي إن وجود نظام تحكيم متطور وشفاف يُعتبر أحد أهم عوامل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وذلك للأسباب التالية: ضمان الحياد والشفافية، فالمستثمر الأجنبي يبحث عن آلية تسوية تضمن له العدالة بعيداً عن المحاكم المحلية، التي قد تميل للطرف الوطني، والتحكيم يوفّر هذا الحياد.

السرعة في حسم نزاعات إجراءات التحكيم أقصر بكثير من المحاكم التقليدية، مما يحمي المستثمر من خسائر الوقت والتكاليف، المرونة في اختيار القوانين، واللغة يتيح التحكيم للأطراف حرية تحديد القانون الواجب التطبيق، ومكان التحكيم، ولغة المرافعات، ما يمنح المستثمر ثقة أكبر في البيئة القانونية، سهولة تنفيذ الأحكام بفضل الاتفاقيات الدولية، خصوصا "اتفاقية نيويورك"، أصبح تنفيذ أحكام التحكيم الصادرة في دولةٍ ما ممكناً في أغلب دول العالم.

وهو ما يمنح المستثمر الأمان القانوني، تعزيز سمعة الدولة كمركز إقليمي للتحكيم الدول التي تطور تشريعاتها التحكيمية (مثل الإمارات، البحرين، والكويت) أصبحت تُعتبر بيئة قانونية جاذبة، مما يرفع تصنيفها في مؤشرات سهولة الأعمال والاستثمار.

التحديات المستقبلية رغم هذا التطور، لا يزال هناك تحديات يجب التعامل معها، مثل: نقص الخبرة في بعض الهيئات المحلية، طول بعض الإجراءات الإدارية، الحاجة لمزيد من التوعية بثقافة التحكيم بين الشركات المحلية، مع ذلك، فإن الاتجاه التشريعي العام يسير نحو مزيد من الانفتاح وتبسيط إجراءات التحكيم بما يتوافق مع المعايير الدولية.

إن تطور قانون التحكيم لم يكن مجرد تعديل قانوني، بل خطوة ستراتيجية نحو تعزيز الثقة في النظام القضائي وجذب المستثمرين الأجانب.

فكلما ازداد وضوح واستقلالية وفعالية نظام التحكيم، ازدادت جاذبية الدولة للاستثمار، وأصبحت أكثر قدرة على الاندماج في الاقتصاد العالمي.

هويا ناصر العجمي

كلية الدراسات التجارية - تخصص قانون

آخر الأخبار