في خطوة جديدة تؤكد نهج الاستدامة التنموية التي تسعى اليها الدولة، وقعت الحكومة اتفاقاً موسّعاً مع
" Google Cloud" لإنجاز خارطة التحوّل الرقمي الشاملة للجهات الحكومية والشركات المملوكة للقطاع العام.
لا شك أن هناك فائدة كبيرة في هذا الاتفاق، لانه قائم على الرقمنة التي تخفف الكثير من الاعباء على الدولة، وتساعد على تحديث انظمة الخدمات الحكومية، وتخزين البيانات المحلية، وتعزيز مهارات القوى الوطنية في التقنيات السحابية والذكاء الاصطناعي، وتحسين التكامل بين الجهات، وفي القطاعات كافة، ما يعني وجود بنية تحتية تحت-إقليمية (Data Center / Cloud Region) داخل البلاد.
ففي ذلك يمكن للجهات الحكومية تقديم خدمات للمواطنين والمقيمين بسرعة أعلى، وبتأخير أقل، وهذا بحد ذاته يعني توفيراً للوقت والجهد والمال، وبالتالي تعزيز القدرة على الانجاز في مختلف اشكال الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين.
اضف إلى ذلك، إن هذا يؤدي إلى توطين تخزين بيانات ومعالجتها محلياً، ما يُحسن الأداء، ويزيد الأمان والتحكم بها، ومن دون اللجوء إلى جهات خارجية.
في المقابل إن هذه الخطوة تساعد على رفع مهارات القدرات الوطنية، في ظل وجود برامج تدريب دائمة، ما يساعد على جعل الموظفين الحكوميين والكوادر الوطنية، أن تصبح لديهم القدرة على العمل في بيئة اكثر انتاجية، ولهذا فإن الامر يحتاج إلى خريجي جامعات يجري إعدادهم في مجالات البيانات، والأمن السيبراني، والذكاء الصناعي، بما يدعم هذا التحول، ويخلق فرص عمل تقنية كثيرة، وكل هذا يدعم التنمية الاقتصادية، وتنويع مصادر الدخل، لأنه ينتج المزيد من المبادرات الفردية الابتكارية.
لا شك ان هذا المشروع الضخم يحتاج في الواقع إلى جهد كبير من الجهات الحكومية، عبر تغييرات تشريعية، وحوكمة بيانات، وتأهيل القوى البشرية في مجالات التكنولوجيات الحديثة، من اجل تحفيز ريادة الأعمال، في سبيل إدارة التغيير المؤسسي (ثقافياً وتشغيلياً) في القطاعين العام والخاص.
من نافلة القول أن التحول الرقمي اصبح من الضروريات بالنسبة للمؤسسات الخدمية الحكومية، وحتى القطاع الخاص، وهو يؤدي دوراً بارزاً في تحسين أداء الخدمات، وتطويرها وتسهيل حياة الناس، فاليوم تقاس درجة تقدم الدول بالمجالات الرقمية، اكثر بكثير من الثروات الاخرى، رغم اهميتها، فالعالم دخل الثورة الصناعية الخامسة (Industry 5.0) القائمة على التكنولوجيا المساعدة لوسائل الانتاج كافة.
فهذا التحول غير المسبوق لا يقتصر على مجرد تطوير التقنيات التي ميزت الثورة الصناعية الرابعة بإنترنت الأشياء والـ"روبوت"، بل انه يعيد الانسان إلى عملية الانتاج من خلال توفير الامكانات التي تساعد على الاستدامة والمرونة في حل المشكلات المقعدة، ودمج الانسنة مع الرقمنة، بما يعزز القدرات الفردية في خدمة المجتمع، والمزيد من تحقيق الرفاهية، مع الاخذ بعين الاعتبار أن كل هذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال فرد متعلم، ومتمكن من قدراته.
في هذا المشروع الضخم ترسخ الكويت مشاركتها التنموية في المنطقة، وفي الوقت نفسه، تعد مواطنها كي تكون لديه الامكانات كافة من أجل التطور.