الأربعاء 19 نوفمبر 2025
19°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
زهران ممداني يقدم درساً لبعض العرب
play icon
كل الآراء

زهران ممداني يقدم درساً لبعض العرب

Time
الخميس 06 نوفمبر 2025
عبدالعزيز محمد العنجري

فاز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك، رغم أن السياسة الأميركية اعتادت على اشتراط الولاء لإسرائيل لتحقيق النجاح. لسنوات طويلة كان الساسة الأميركيون يقدمون تل أبيب على واشنطن، ويتلونون وفق ما تفرضه جماعات الضغط والمال.

لكن ممداني خالف هذا النهج؛ إذ وصف الاحتلال بوضوح بأنه نظام فصل عنصري، ودعا إلى محاسبته، مؤكداً أن الدفاع عن الحق الفلسطيني جزء من العدالة، لا من الخلاف السياسي.

تغير المزاج داخل المجتمع الأميركي، كشف فجوة بين من يدعون تمثيل رأي الشعب في واشنطن وبين الأجيال الشابة، التي صارت تبني قناعاتها الخاصة على متابعة ووعي وتجربة. هذه الأجيال لم تعد تقبل التبرير المستمر للانتهاكات الإسرائيلية، وترى في فلسطين قضية أخلاقية لا تستحق المساومة.

واجه ممداني ماكينة، سياسية وإعلامية ومالية، هدفت إلى إسقاطه. أُنفقت ملايين الدولارات ضده، ومورست ضغوط هائلة من رجال الأعمال، ومن داخل مؤسسات الدولة، لكنه لم يتراجع. بقي ثابتًا حتى تحقق له الفوز، ولا يزال يتعرض للهجوم رغم انتصاره.

إن نجاحه يكشف عن واقع سياسي جديد يتشكل في العالم. لم يعد الناخب يقيّم السياسي وفقًا لخطابه الخارجي، أو ولائه لدوائر النفوذ، بل وفقًا لقدرته على التعبير عن قضايا المعيشة والعدالة والمساواة. لقد اهتزّ معيار النجاح السياسي التقليدي، واتسعت فجوة الثقة بين شعوب تبحث عن حياة كريمة، ونخب تعيد تدوير الولاءات نفسها. ففوز ممداني لم يكن تصويتًا لليسار أو اليمين، بل تصويتًا ضد سياسة تغطي الظلم بحجة الواقعية.

أشار الكاتب ياسر الزعاترة إلى أن خبيرًا إسرائيليًا في الشؤون الأميركية دعا إلى محاصرته عبر ممثلين يهود في مجلس نيويورك، وتشجيع الشركات على مغادرة الولاية، واستغلال قوانين مناهضة المقاطعة لرفع قضايا تستنزف طاقته.

هذا النهج يوضح أن خصومه لا يقبلون الخسارة، بل يسعون إلى إفراغ النصر من مضمونه وتحويله إلى عبء مستمر.

في المقابل نجد بعض الكتّاب والإعلاميين العرب يقدمون خدمات مجانية للرواية الإسرائيلية. يتراجعون عن مواقفهم السابقة ويدافعون عن الاحتلال بدافع المكاسب الشخصية. يبحثون عن مقعد في ندوة أو دعوة في قاعة تشريفات أو صورة بجوار شخصية دولية. كلها مكاسب سريعة يتم شراؤها بالتخلي عن المبادئ.

فوز ممداني ليس مجرد حدث سياسي، بل فضيحة أخلاقية في حق من يملكون حرية الكلام، ويختارون الصمت، أو يتواطأون مع القاتل ضد الضحية.

إنه رسالة قبل أن يكون نتيجة، ودليل على أن قول الحقيقة لا ينهي المستقبل السياسي، بل قد يصنعه. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يخسر أمثاله في عالمنا العربي قبل أن يبدأوا، بينما يواجه في الغرب كل تلك التحديات وينجح؟

Abdulaziz_anjri@

آخر الأخبار