الجمعة 07 نوفمبر 2025
26°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
اضطرابات نفسية بأعراض جسدية تهدد ملايين البشر
play icon
دراسات

اضطرابات نفسية بأعراض جسدية تهدد ملايين البشر

Time
الجمعة 07 نوفمبر 2025

كشفت دراسة دولية جديدة أعدّها باحثون من جامعة كوينزلاند الأسترالية عن فئة من الاضطرابات النفسية التي تتخفّى وراء أعراض جسدية حقيقية، مثل الصداع المزمن وآلام المعدة والتعب الدائم، تُعرف باسم "سوماتوفورم ديس أوردرز".

وتؤكد النتائج أن هذه الاضطرابات، رغم تأثيرها الواسع على العقل والجسد معاً، ما زالت مهمّشة في دراسات العبء الصحي العالمي، إذ تؤثر على واحد من كل 21 بالغاً في العالم — وفق ما خلصت إليه الدراسة المنشورة في مجلة "ذا لانست بسيكياتري".

اضطرابات نفسية بأعراض جسدية

تُصنَّف اضطرابات سوماتوفورم أو ما يُعرف علمياً بـ “الاضطرابات الجسدية المرتبطة بعوامل نفسية” ضمن الحالات التي يعبّر فيها الجسد عن معاناة نفسية.

ويعاني المصابون من أعراض جسدية حقيقية — كالألم، والدوخة، واضطرابات المعدة، والخفقان — من دون وجود سبب عضوي واضح.

ويشير الباحثون إلى أن هذه الحالات تُعدّ انعكاساً لتفاعل معقّد بين العوامل النفسية والبيولوجية والاجتماعية، ما يجعل تشخيصها صعباً وغالباً متأخراً.

انتشار واسع وتجاهل بحثي

تُظهر الدراسة، التي حلّلت بيانات من 41 بحثاً في 23 دولة، أن نسبة الانتشار العالمية لهذه الاضطرابات تبلغ 4.6%، أي ما يعادل واحداً من كل 21 بالغاً.

كما كشفت النتائج عن فارق واضح بين الجنسين، إذ تبلغ النسبة 7.7% لدى النساء مقابل 2.8% لدى الرجال، ما يشير إلى عوامل اجتماعية ونفسية تلعب دوراً في ظهور الأعراض.

ورغم هذا الانتشار، لم تُدرج هذه الفئة بعد في دراسة غلوبال برودن أوف ديزيز ستَدي (Global Burden of Disease Study)، وهي المرجع الأوسع لقياس الأعباء الصحية في العالم، ما جعلها خارج حسابات التخطيط الصحي والتمويل البحثي.

عبء صحي خفيّ

قدّرت الدراسة العبء الصحي لهذه الاضطرابات بنحو 662 سنة معوّقة لكل 100 ألف شخص- سنة (Years Lived With Disability)، ما يجعلها من أكثر الاضطرابات النفسية تأثيراً بعد الاكتئاب.

ويحذّر الخبراء من أن تجاهل هذه الفئة في الدراسات الصحية العالمية يعني تجاهل ملايين المرضى الذين يعيشون معاناة يومية غير مُشخَّصة بدقة، ويخضع كثير منهم لعلاجات جسدية لا تُعالج السبب الحقيقي للحالة.

دعوة لإعادة التقييم

دعا فريق البحث إلى إدراج هذه الاضطرابات في التحديثات المقبلة لدراسات العبء الصحي العالمية، مؤكدين أن الخطوة ضرورية لتطوير خدمات تشخيص وعلاج أكثر فعالية.

كما شدّدوا على ضرورة تدريب الأطباء في الرعاية الأولية على التعرّف إلى هذه الحالات، وإحالة المرضى إلى مختصّين نفسيين عند الحاجة، بدل الاستمرار في دائرة الفحوصات الطبية غير المجدية.

أبعاد اجتماعية ونفسية

يرى الخبراء أن ارتفاع النسبة بين النساء قد يرتبط بالعوامل الثقافية والاجتماعية التي تجعل التعبير الجسدي وسيلة بديلة للتعبير النفسي، خصوصاً في المجتمعات التي لا تزال تنظر إلى العلاج النفسي بتحفّظ.

كما تشير النتائج إلى أن إدراج هذه الفئة في خرائط العبء الصحي سيساعد في وضع سياسات وقائية وعلاجية أكثر عدلاً وشمولاً، تراعي الجندر والثقافة والعوامل الاجتماعية.

خلاصة

تسلّط دراسة جامعة كوينزلاند الضوء على فئة من الأمراض "غير المرئية" التي يعيشها ملايين البشر في صمت، وتكشف عن فجوة معرفية في أنظمة الصحة العالمية.

إعادة الاعتبار لهذه الاضطرابات لا تعني فقط تحسين جودة التشخيص والعلاج، بل أيضاً الاعتراف بمعاناة نفسية تتجسّد في الجسد نفسه، وتذكير العالم بأن حدود الطب لا تزال قابلة للاكتشاف.

آخر الأخبار