مختصر مفيد
قديماً، وقبل خمسمئة عام، أبحر الأوروبيون على متن السفن الخشبية نحو جزر أميركا الوسطى، والجنوبية، فاكتشفوا الذهب والفضة، ومارسوا التنكيل، أو حتى القتل، ضد الأهالي في سبيل انتزاع ثروات بلدانهم، وحملوها، فتدفقت قطع الذهب والفضة، تملأ خزائن البلدان الأوروبية.
هذه النقود سرعان ما وجدت طريقها نحو السوق الأوروبية، فتبادلها الناس يشترون السلع، لكنهم لاحظوا شيئاً طارئاً، فقد ارتفعت أسعارالسلع مقارنة بما كانت عليه فيما مضى، وكان الفكر الاقتصادي في بدايته، فجاء من الاقتصاديين الأوروبيين من أشار إلى ان ما حدث إنما هو قانون من قوانين علم الاقتصاد ومفاده "إن زيادة كمية النقود في الاقتصاد، أي في البلد، تؤدي إلى ارتفاع الأسعار"، وبالطبع فقد تضرر الناس.
ولتبسيط علم الاقتصاد أكثر فإن الناس خوفاً من اللصوص وضعوا نقودهم لدى من يملك خزانة حديدية، ولقد كان الحداد هو من يملكها، فوضعوها لدى من يمتهن هذا العمل، واعطى الحداد كل مودع ورقة (وصل)، وشيئاً فشيئاً لاحظ الحداد ان الناس لا تأتي في العادة تطلب المال، فعمل على إقراضه لآخرين، ومن هنا نشأت فكرة البنوك، ثم أصبح على رأسها البنك المركزي، بنك الحكومة، ومن وظائفه ضبط الأسعار برفع سعر الفائدة لدى البنوك لتشجيع الأفراد على الإيداع، وحتى لا يكون لديهم فائض من المال فترتفع الأسعار.
كان الناس يستخدمون الذهب والفضة في التعامل، وقبل مئة عام عندما نشبت الحرب العالمية الأولى، أو في حدود ذلك التاريخ، ولتسهيل التحليل، لم تمتلك أوروبا كمية كافية من الذهب والفضة في خزائنها كي تنفقها كمعاشات للجنود، عندئذ فكرت الحكومات بإصدار الورقة النقدية (النوط) على ان تتعهد أن تدفع لحاملها كمية من الذهب، إن أراد ان يصرف العملة الورقية في البنك.
وتدريجياً اعتاد الناس على هذه العملة الورقية، ولم يذهب بعضهم الى البنوك ليستلموا الذهب بدلاً منها، إطمئناناً وثقة بقيمة الورقة النقدية التي تصدرها الحكومة على شكل نقود.
قلنا إن الحداد، أو من لديه قدرة على حفظ مال الناس، فأعطى كل مودع ورقة "وصل"، لأنه رأى ان الناس لاتأتي في العادة تطلب المال، كان هذا الوصل عند العرب هو "الصك"، ثم تحول هذا الاسم العربي، وانتشر في العالم باسم "لشيك".
* * *
جريدة محلية تدافع عن التجار، نشرت خبرا بالأمس، مفاده أن الانفاق الاستهلاكي في الكويت متدن، وأن ذلك يدق ناقوس الخطر، فإيرادات التجار منخفضة، وطالبت الصحيفة الحكومة بتشجيع انفاق الأفراد، لكن مهلا!
هذا كلام غير صحيح، هذي مبالغة، فعن تجربة قال أحد المواطنين، تعليقا على الخبر: "اليوم لم أجد طاولة طعام فارغة لأجلس عليها في المطعم، ولا بالمطعم المجاور له، وهذا يدل على الانفاق الاستهلاكي جيد".
وبالطبع ينفق المستهلكون على السلع والخدمات الأخرى، فعلا هذا الواقع، نحن نؤيد رأيه.
إذا كان الشيء بالشيء يُذكر، فقد جلست مع عائلتي في مطعم، وكأني في جنوب فرنسا، فقد كانت للمطعم إطلالة جميلة على قوارب بحرية، وجلس بالقرب منا أجانب، وكان المطعم في سوق شرق.
مع الأسف سوف يتم إخلاء السوق خلال ثلاثة أشهر، من قبل الشركة المكلفة بإدارته، بناء على طلب وزارة المالية، وبالتالي لن نستمتع بمثل هذا المكان.
نرجو من الحكومة تجميل بلدنا، أوالإبقاء على الأماكن الجميلة لا إزالتها.
[email protected]