الخميس 13 نوفمبر 2025
23°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الطريقة الجوعانية في صون الذائقة من الابتذال
play icon
كل الآراء

الطريقة الجوعانية في صون الذائقة من الابتذال

Time
الثلاثاء 11 نوفمبر 2025
قيس عبدالله الجوعان

ليست كل نصوصنا وُجدت كي تُقرأ. بعضها وُجد ليذكّرنا أن للروح صوتاً لا يسمعه أحد غيرنا. لكننا، في زمنٍ يتحدّث فيه الجميع ولا ينصت أحد، صرنا نخشى أن يضيع ما يخرج من أعماقنا في ضجيج العالم.

وهنا يظهر السؤال الذي يختبر الكاتب لا الكتابة: متى يكون النص جديرا بالخروج، ومتى يكون خروجه تبديداً لشيء كان أجمل لو بقي سرّا؟

هذا النص ليس "وصايا" ولا "نظرية نقدية"، هو طريقة في العيش مع ما نكتب، وفي اختيار ما نمنحه للآخرين، وما نتركه كي ينضج في صمت القلب.

النص

كان الناس قديماً يضعون على الطعام قليلاً من الملح لا ليملّحوه، بل ليحفظوه من الفساد. واليوم - نضع على نصوصنا قليلاً من الصمت للسبب نفسه.

فليس كل ما ينزل إلى الورق يصلح أن يخرج إلى الناس. هناك عبارات كُتبت كي تداوي الداخل لا كي تُفسَّر، وهناك مشاهد كُتبت كي تُدفن في القلب لا كي تُروى.

والكاتب الذي يعرف الفرق لا يخاف الصمت، ولا يستوحش من عدم التصفيق، ولا يطارد القارئ، كما يطارد العطشان السراب.

لهذا أسأل كل نصّ قبل أن أُطلقه:

هل تستطيع أن تعيش وحدك؟

إن قال: نعم، تركته ينطلق كما ينطلق طائر يعرف سماءه.

وإن قال: لا، ضممته إليّ، لا خوفاً عليه، بل وفاءً له.

وإن وقف بين بين، لم يعرف أين يقف: سلمته للزمن.

فالزمن يحفظ ما يستحق البقاء، ويمحو ما لا يحمل جذوراً.

قصيدة- في مقام الصدى

"يا صدى الجبلِ الراجعِ في وحدتي

هل سمعتَ الذي كان بين نَبضاتي؟

لم أُرسل الصوتَ كي أُسمِع الناسَ ما

في ضلوعي- بل كي أسمع خطواتي

فإن عاد دافئاً من عمق صدري

علمتُ بأنّي أنا من نجاتي

وإن عاد فخما بغير ملامح

علمتُ بأن الجبالَ روَت حكاياتي

فيا أيها القلبُ: حين تضيقُ بطينا

تذكّر، أن الرحابة ليست في المساحاتِ

ولكن- في أن تعرف متى تفتح الباب

ومتى تصون الصوت من الانفلاتِ"

كاتب كويتي

آخر الأخبار