تسعى دولة الكويت من خلال "رؤية 2035" إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل والطاقة. ومن هذا المنطلق أخذت مشاريع الطاقة المتجددة موقعها كواحدة من أهم ركائز التنمية المستدامة التي تسعى الدولة لتحقيقها.
وإدراكا من الحكومة لأهمية أن يكون للقطاع الخاص دور في تحقيق هذا الهدف، فقد سعت إلى وضع إطار قانوني متكامل ينظم مشاركة المستثمرين المحليين والأجانب في مشاريع الطاقة النظيفة، بما يضمن حماية المصلحة العامة، وتحقيق المنفعة المتبادلة للطرفين.
وقد فتح القانون رقم 116 لسنة 2014 بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص المجال أمام "الخاص" لتولي مهمات إنشاء وتمويل، وتشغيل وصيانة المشاريع العامة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة، وفق عقود شراكة طويلة الأمد.
ويعد هذا التشريع هو الركيزة القانونية الأهم التي تبنى عليها مشروعات الطاقة المتجددة في الكويت، بما يتضمنه من نصوص واضحة تحقق التوازن بين ملكية الأصول وحقوق المستثمر كشريك في التنمية، وما يوفره من آليات واضحة لتوزيع المخاطر والعوائد.
واستكمالاً للإطار التشريعي الحاكم لمشاريع الطاقة المتجددة يبرز القانون رقم 39 لسنة 2010 في شأن تأسيس شركات مساهمة لبناء، وتنفيذ محطات القوى الكهربائية وتحلية المياه؛ إذ يتيح للقطاع الخاص إنتاج الكهرباء والماء من مصادر تقليدية، أو متجددة، شريطة الحصول على تراخيص مسبقة من الوزارات المختصة، ويعد هذا الترخيص شرطاً جوهرياً لمباشرة أي نشاط إنتاج أو توزيع، ضماناً للسلامة البيئية والفنية.
ونظراً للطابع البيئي لهذه المشاريع، فإن قانون حماية البيئة يفرض على المستثمر إعداد دراسة لتقييم الأثر البيئي قبل تنفيذ المشروع، ويشترط موافقة الهيئة العامة للبيئة على الدراسة لضمان الالتزام بمعايير الاستدامة، وخفض الانبعاثات الكربونية، كما تلتزم الشركات المنفذة بموجب هذا القانون بتطبيق خطط للرصد البيئي أثناء التشغيل، وإدارة النفايات والمواد الكيماوية المستخدمة في الصيانة، بما يتوافق مع متطلبات السلامة العامة.
وترتبط مشاريع الطاقة المتجددة أيضا بالبلدية في ما يتعلق بتخصيص الأراضي، وترخيص المباني والمنشآت؛ إذ تمنح الأراضي عادة بنظام حق الانتفاع لفترة محددة، ثم تعود ملكيتها إلى الدولة بعد انتهاء مدة الامتياز.
أما ما يخص العقود فتبرم مشاريع الطاقة المتجددة عادة وفق نموذج عقود الشراكة (PPP)، التي تتضمن حزمة من العقود الفرعية، مثل عقد التصميم والبناء، وعقد التشغيل والصيانة، وعقد شراء الطاقة (PPA)، والذي يعتبر حجر الزاوية في هذه المشاريع، حيث يحدد سعر بيع الطاقة المنتجة للدولة، ومدة الالتزام، وآلية تعديل الأسعار، أو إنهاء العقد في حال الإخلال بالالتزامات.
وتتميز هذه النوعية من العقود بطابعها طويل الأمد لأكثر من 20 عاما في الغالب، وهو ما يوفر بدوره استقراراً مالياً للمستثمرين يعزز من فرص حصولهم على التمويلات اللازمة من البنوك والمؤسسات المالية.
كما يتيح القانون رقم 116 لسنة 2014 بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص للمستثمرين طلب ضمانات حكومية حول التزامات الدولة في موضوع شراء الطاقة، أو في ما يخص مسألة التعويض في حالات المستجدات الطارئة أو التغييرات التعاقدية أو الإنهاء المبكر للمشروع.
ويبرز في هذا الجانب مشروع مجمع الشقايا للطاقة المتجددة كنموذج تطبيقي للإطار القانوني المذكور، حيث تم تأهيل عدد من التحالفات المحلية والدولية للعمل في مرحلته الثالثة وفقا لأحكام القانونين 39/2010 بشأن تأسيس شركات كويتية مساهمة تتولى بناء وتنفيذ محطات القوى الكهربائية وتحلية المياه وتعديلاته، و 116/ 2014 في شأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وليتم خلال الفترة المقبلة البدء في إنجاز مرحلة جديدة من هذا المشروع الوطني التنموي الضخم.
محامي كويتي