فهد غازي عبدالجليل، مواطن كويتي يهوى التراث والتاريخ، رغم ان تخصصه بعيد عن ذلك، لكن حرصه على التأريخ والتراث كمكون اساسي للهوية الوطنية دفعه إلى الاهتمام بذلك.
هذا الرجل، وامثاله من المواطنين الذين يحملون هم وطنهم، ولقد تابعت العديد من اعماله، وكذلك حلقات من برنامجه التفلزيوني، ورأيت نماذج مما يملك من مقتنيات ووثائق، ولقد أعجبني اجتهاده وتوثيقه.
ووجدت بهذا الشاب المثابرة على كشف الحقائق، والتحليل الذي يراعي فيه الدقة، وهو عضو في جمعية نفع عام تهتم بالتاريخ والتراث، كي يصبح العمل مؤسسيا بامتياز.
اردت من هذه اللمحة عن هذا المواطن الاضاءة على التراث والتاريخ والعمل المؤسسي عبر تأطير المنظومة ككل، حتى لا تبقى الجهود متناثرة هنا وهناك، ففي الكويت نحو 15 متحفاً شخصياً، غير المقتنيات التي يمكن ان تشكل نموذجاً متحفياً يؤسس لتشكيل نواة ليس متحفية فقط، انما تأريخية تعمل على تكوين اهم العناصر التربوية للهوية الوطنية.
ولله الحمد، ففي الكويت مجتمع مدني حي، ولديه نشاط دائم، غير أن ثمة بعض الجمعيات تحتاج إلى رعاية اكثر من غيرها، لأنها شبه مهملة، او لم تكن تشكل قوة انتخابية ايام كان مجلس الامة موجوداً، ما جعلها تنزوي، فيما جمعيات اخرى كان الاهتمام بها اكثر.
ولانني لست في وارد الحديث عنها، إلا أنني اهدف من هذه الاسطر الاضاءة على مهمة ستراتيجية، هي اساس الهوية الوطنية، التي هي اليوم محل اخذ ورد في الكثير من المنتديات، فهناك اليوم جدل بشأن الجنسية، وتاريخها، وما هو التأسيس والتوثيق، وعلى ماذا اعتمدت مسألة السنة المحددة لاعتبار أن هذا كويتي، وغيرها مما يشكل الاساس العلمي التاريخي لتحديد الانتماء، عبر الجنسية، وليس عبر معنى الانتماء الوطني، الذي هو الاساس في مقاربة هذه المسألة الشائكة.
وفي هذا الشأن ثمة قراءة واقعية لتاريخ الكويت، لا يمكن الخروج عنها لأن المزاج العام يريد تلفيق حقائق لا تمت إلى الواقع بصلة، لهذا فإن فهد غازي عبدالجليل، على صعيد المثال، يقنعك بما يملك من وثائق، وبطريقته المنهجية، عبر الوثائق التاريخية، وحركة العائلات بين الهجرة إلى الداخل، وغيرها.
هذه تعتبر ثروة حقيقة يجب دعمها، وهنا اشكر وزارة الإعلام، لمنح الرجل الفرصة للظهور عبر شاشة التلفزيون الرسمي، لكن أتمنى من إخواني المسؤولين عن جمعيات النفع العام أن ينظروا بإيجابية إلى هذه الجمعيات، والتوجيه وفق التخصصات، وليس فقط الاضاءة على مخالفات مالية بسيطة، فهذه مهمة المحاسبين الذين يعملون على تصويب السلوك المالي، لكن الهدف الاسمى أن المجتمع المدني، وجمعيات النفع العام، هما الجناح الاخر للانطلاقة نحو فضاء وطني.
لهذا فإن الأهداف تفوق القضايا المالية، وهو ما يجب اخذه بالحسبان، وليس لصق بعض الشخصيات غير المؤهلة على رأس تلك الجمعيات، إنما اختيار العناصر القادرة على تعزيز هذا المجال الوطني العام.