التحكيم... طريق بديل لتحقيق العدالة بفعالية

وجهة نظر

يُعد التحكيم احدى أهم الوسائل البديلة لحل المنازعات، وقد اكتسب في السنوات الأخيرة حضوراً متنامياً في الساحة القانونية لما يوفره من سرعة في الفصل، وتقليل التكاليف مقارنة بالقضاء التقليدي. كما يُعد خياراً مفضّلاً لدى الشركات والأفراد، خصوصاً في المسائل التجارية ذات الطابع الفني أو المالي المعقد.

ما هو التحكيم؟

التحكيم هو اتفاق أطراف النزاع على إحالة خلافاتهم إلى شخص أو أكثر يُطلق عليهم المحكّمون، بدلاً من اللجوء إلى المحاكم. مهمتهم إصدار حكم يُلزم الأطراف، وذلك وفق القواعد والإجراءات التي يتفقون عليها، سواء داخل الدولة أو خارجها.

مزايا التحكيم

يمتاز التحكيم بعدة خصائص جعلته خياراً متقدماً، أبرزها:

1. السرعة في الإجراءات مقارنة بمراحل التقاضي الطويلة.

2. السرية التي تحمي خصوصية الأطراف ومعلوماتهم.

3. تخصص المحكّمين مما يضمن فهما أدق لطبيعة النزاع.

4. المرونة في اختيار القواعد والإجراءات.

5. قوة أحكامه وإمكانية تنفيذها داخل وخارج الدولة وفق الاتفاقيات الدولية.

اتفاق التحكيم

يعد اتفاق التحكيم حجر الأساس لصحته، إذ يشترط أن يكون مكتوباً، وألا يخالف النظام العام. وقد يكون الاتفاق سابقاً للنزاع ضمن عقد، أو لاحقاً لوقوعه باتفاق جديد.

تنفيذ أحكام التحكيم

تتميز أحكام التحكيم بأنها نهائية لا تقبل الطعن إلا بطرق محدودة جدًا، كوجود عيب في الإجراءات، أو مخالفة للنظام العام. كما يمكن تنفيذ هذه الأحكام دولياً بفضل اتفاقية نيويورك لعام 1958، التي سهّلت تنفيذ أحكام التحكيم بين الدول الموقعة.

التحكيم في الكويت

شهدت الدولة تطوراً ملحوظاً في قوانين التحكيم، حيث اعتمدت تشريعات مستوحاة من قانون "الأونسيترال" النموذجي، بهدف تعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمار الأجنبي.

كما حرص المشرّع الكويتي على تنظيم المراكز المختصة والتحكيم التجاري، مما يعكس وعيًا بأهمية هذه الوسيلة في تحقيق العدالة الناجزة.

بات التحكيم اليوم طريقاً مهماً ومؤثراً في منظومة العدالة، يوفر بيئة قانونية مرنة وعادلة بعيداً عن تعقيدات القضاء التقليدي. ولعل الإقبال المتزايد عليه يؤكد دوره المحوري في تعزيز الثقة بالاستثمار وتطوير العلاقات التجارية، مما يجعل فهمه ضرورة لكل ممارس أو مهتم بالشأن القانوني.

عبدالعزيز بدر الشمالي

كلية الدارسات التجارية - تخصص قانون