الخميس 20 نوفمبر 2025
20°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
آراء طلابية

الآثار المترتبة على رفع الرسوم القضائية

Time
الخميس 13 نوفمبر 2025
ماجد عياد الشمري
وجهة نظر

تُعد الرسوم القضائية احدى أهم الأدوات التي تعتمدها الأنظمة القضائية لتنظيم عملية التقاضي، وضمان كفاءة سير العدالة.

مع ذلك، فإن رفع هذه الرسوم يثير العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية، والقانونية التي تمتد إلى المتقاضين والدولة، والنظام القضائي نفسه.

أولاً: الأثر على حق التقاضي

يُعتبر حق التقاضي من الحقوق الدستورية الأساسية التي تكفلها معظم الدساتير، لكن رفع الرسوم القضائية قد يشكل عائقاً أمام هذا الحق، خصوصاً للفئات محدودة الدخل، أو الأفراد الذين لا يملكون القدرة المالية الكافية لتحمل التكاليف الجديدة.

ففي حين يستطيع الأثرياء تحمل الرسوم دون عناء، قد يجد المواطن البسيط نفسه مضطراً إلى التنازل عن حقه في اللجوء إلى القضاء، أو البحث عن تسويات خارج المحكمة، حتى وإن كانت مجحفة بحقه.

ثانيًا: الأثر الاقتصادي والاجتماعي

رفع الرسوم يؤدي إلى تراجع عدد القضايا المرفوعة أمام المحاكم، إذ يعزف الكثير من الأفراد عن التقاضي بسبب الكلفة المرتفعة. ورغم أن هذا قد يخفف الضغط عن المحاكم موقتًا، إلا أنه يُحدث آثاراً اجتماعية سلبية، منها:

• زيادة الشعور بعدم المساواة أمام القانون.

• تشجيع بعض الأطراف على استغلال ضعف الآخرين لعلمهم بصعوبة لجوئهم للقضاء.

• تفاقم النزاعات التي لا تجد طريقها للحل القانوني.

كما أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة قد تتأثر بشكل ملحوظ، إذ تصبح أقل قدرة على متابعة حقوقها القانونية بسبب ارتفاع التكاليف، مما يضعف بيئة الاستثمار المحلي.

ثالثًا: الأثر على النظام القضائي، إذ من جهة أخرى، يرى البعض أن رفع الرسوم قد يكون له آثار إيجابية على النظام القضائي، مثل:

• الحد من الدعاوى الكيدية، أو غير الجادة التي تستهلك وقت القضاء وموارده.

• تحسين جودة القضايا المقدمة، إذ يقتصر التقاضي على القضايا ذات الأهمية الحقيقية.

• زيادة الإيرادات الحكومية التي يمكن توجيهها لتطوير البنية التحتية للمحاكم وتحسين الخدمات القضائية.

لكن هذه الفوائد لا تتحقق إلا إذا تم تطبيق الرسوم بطريقة متوازنة تراعي الفروق بين المتقاضين، مع توفير إعفاءات، أو تخفيضات للفئات المستحقة.

رابعاً: الحلول المقترحة للتوازن

لتحقيق العدالة بين مصلحة الدولة في تحصيل الإيرادات ومصلحة الأفراد في الوصول إلى القضاء، يمكن اقتراح مجموعة من الحلول:

1. تدرّج الرسوم وفق نوع القضية وقيمتها المالية.

2. إعفاء محدودي الدخل من الرسوم، أو تمكينهم من تأجيل السداد حتى صدور الحكم.

3. تفعيل نظام المساعدة القانونية لتغطية تكاليف التقاضي للفئات الضعيفة.

4. مراجعة دورية للرسوم بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي العام.

إن رفع الرسوم القضائية سلاح ذو حدين؛ فهو قد يحقق كفاءة في إدارة القضاء ويحد من الدعاوى غير الجادة، لكنه في الوقت نفسه قد يُضعف مبدأ المساواة، ويقيد حق التقاضي للفئات الضعيفة.

لذا فإن الاعتدال والتدرج في فرض الرسوم مع مراعاة العدالة الاجتماعية هو الطريق الأمثل لضمان توازن النظام القضائي واستدامة ثقة المجتمع فيه.

ماجد عياد الشمري

كلية الدراسات التجارية - تخصص قانون

آخر الأخبار